كبرت فغيرك الغر الغلام صم وغير قناعك الجعد السخام

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​كبرتَ فغيرُك الغِر الغلام صم وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ​ المؤلف ابن الرومي


كبرتَ فغيرُك الغِر الغلام صم وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
وأمسى ماء وجهك غاض عنه
فماء شؤونك الفيض السُّجام
وأصبحتِ الظباء مُجانباتٍ
جنابَك مالها فيه بُغامُ
وقد يأْلفْنَنِي ومعي سهامي
فما هذا النِّفار ولاسِهام
أأُوحشها وقد نصلتْ نِبالي
وأُونسها وفي نبلي الحِمام
لياليَ لاتزال لديَّ صرعى
لرشْقي في مقاتلها احتكام
ألا جاد الحيا تلكم ظِباءً
تزيِّنها المقاصرُ لا الخيام
عتُقن فهن من قربٍ مِلاحٌ
ورُقْن فهن من بُعْدِ فِخام
إلى الله الشَّكاة من اللواتي
مساكنُها الرُّصافة لا الرجام
بحيث تجبح الهدي قذما
وهاشم الأكارم لا هشام
مريضاتُ الجفونِ لغير داءٍ
لمن لابسْنَه الداءُ العُقام
سقامُ عيونهن سقامُ قلبي
وقد يهدي السقام لك السقام
أعاذلتي وحَبْلي قد تداعى
وللحبل اتصالٌ وانجِذامُ
كأن مناعمِي حُلمٌ تقضَّى
وأسراري مع الخلل احتلام
كُسيتُ البيضَ أخلاقاً رِماما
فوصْلُ البيضِ أخلاقاً رِمام
فلا يتشتتنَّ عليك رأيٌ
فما للبيض والبيضِ التئام
بليتُ سوى المشيب غدا جديدا
عليَّ الفدُّ منه والتُّؤامُ
وكنتُ كروضةٍ للعين أضحَتْ
وما من نورها إلا النَّغام
وعبَّستِ الحِسانُ إلى مَشيبي
فما لثُغورها برقٌ يُشام
وما يُرجَى من البيض ابتسامٌ
لمن أمسى لمفرقه ابتسام
كأن محاسني لم تَضْحَ يوما
وفي لحظاتهنَّ لها اقتسام
كأني لمأر اللمحاتِ نحوي
وفي اللمحاتِ لثْمٌ والتزام
لئن ودعتُ جهلي غير قولي
ألا سُقِيتْ معاهدنا القِدامُ
لقد يهتزلي غصنٌ رطيبٌ
وقد يرتجُّ لي دِعْصٌ ركام
ويسقيني شفاءَ النَّفسِ ثغرٌ
ويسقيني شِفاء الوجْدِ جام
ويُسمعني رقاة الهمِّ شدْوا
تغادر كل يومٍ وهو رامُ
سماعٌ إن أردتَ إدامَ عيش
فذاك من السماع له إدام
عجيبٌ كالحبيب له هناتٌ
بها يُشفَى الجوى وبها يُهام
بأخضر جادَهُ طلٌّ ووبْلٌ
وما جرمته بينهما الرِّهام
غوادٍ لاتفرطُ أو سوارٍ
روائمُ لا يزالُ لها رِزام
فوردتُه وشُقْرتُه احمرارٌ
وحُمْرتُه وخَضرتُه ادْهِمَامُ
تقسَّمَ أمره شجرٌ وروضٌ
عليه من زواهره فِدامُ
كساه الغيثُ كِسوتَه فأضحى
له منها ائتزارٌ واعتمام
يظلُّ وللرِّياح به اصطخاب
وللعُجْمِ الفصاحِ به اختصام
وللقُضبِ اللِّدان به اعتناقٌ
وللأنوارِ فيهنَّ التئام
تراهُ إذا تجاوب طائراهُ
تُجاوِبُ عَثْعِثا فيه زُنامُ
حَمامٌ الأيكِ يُسعِدُه هَزارٌ
فدى المُكَّاء ذَيْنَكَ والسَّمام
وأخلاطٌ من الغَرداتِ شتَّى
حواسرُ أو عليهنَّ الكِمام
ألا لا عَيْشَ لي إلا زهيدا
ودونَ لِثام من أهوى لِثام
وكم نادمتُ راحَ الروحِ فاهُ
ولكن خانني ذاك الندام
كأني لم أبِتْ أُسقى رُضاباً
يموتُ به ويحيا المُستهام
تُعلِّلنيه واضحةُ الثنايا
كأن لقاءها حولا لِمام
تنفّس كالشَّمولِ ضُحى شمالٍ
إذا ما فُضَّ عن فمها الخِتام
وتسقيكَ الذي يشفي ويُدوي
ففي الأحشاء بردٌ واضطرامُ
وقالوا لو أدارَ الراحَ كانت
له عِوَضا وفارقهُ الهُيامُ
فقلتُ مُدامُ أفواهِ الغواني
مُدامٌ لا يعادله مُدامُ
عزاؤك عن شباب نالَ منه
رمانٌ فيه لينٌ واعتزام
فقَبْلكَ قام أقوامٌ قُعودٌ
لريب الدهر أوقعد القيام
وما يَنفَكُّ يَلْقَى الكُرْهَ فيهِ
فِئامٌ قد تَقَدَّمَهُ فِئام
إذا أدار على بني حامٍ وسامٍ
كؤوسا مُرَّةً حامٌ وسام
نهارٌ شكْلُهُ في اللون سامٌ
وليلٌ شكلُهُ في اللون حام
وهذا الدهرُ أطوارٌ تراها
وفيها الشَّهْدُ يُجنى والسِّمام
فأعوام كأن العام يومٌ
وأيامٌ كأن اليومَ عام
كدأبِ النَّحلِ أرْيٌ أو حُماتٌ
ودأبِ النخلِ شَوْك أو جُرام
ولاتَجزَعْ فصرفُ الدَّهْرِ كلْمٌ
وتَعفيةٌ وإن دَمِيَتْ كِلام
سيُسليك الشبيبةَ أرْيَحِيٌّ
بجودِ يديْه أورقتِ السِّلام
يحُلُّ من المكارم والمعالي
بحيثُ الرأسُ منها والسَّنام
له ذِكرٌ إليها مُستراحٌ
وناحيةٌ إليها مُستنام
مُدبِّرُ دولةٍ وقِوامُ مُلْكِ
كهِمَّتك المدبر والقِوام
يروقك أو يروعك لابظلم
كما يتلوَّن السيفُ الحُسام
يضاحك تارة ويكون أخرى
بحيث تَهُزُّه قصر وهام
فآونةً لصفحته انبلاجٌ
وآونةً لشفرته اصطلام
أخو قلم صروفُ الدهر منه
ففيه العيشُ والموتُ الزُّؤام
كتابتُه مناقفةُ العوالي
وليستْ ما يُرَقِّشه القِلام
ضئيلٌ شأنهُ شأنٌ نبيلٌ
يَطُوعُ لأمره الجيشُ اللُّهامُ
به تَبْدو الصوارمُ حين تَخفى
وتَخفى حين تبدو والخِدام
إذا سكناتُ صاحبه أمَّلتْ
على حركاته سكنَ الأنام
أخو ثقةٍ إذا الأقلام أضحتْ
بني حِمَّان عَمَّهُمُ الزكام
أمينٌ في معابيه أمونٌ
سليمُ الأنفِ ليسَ به زُكام
تمج الفيء والمعروفَ مجا
وللأقلام حَطْم وانتقام
بكفِّ فتًى له نَفْعٌ وضرٌّ
وإنعامٌ يُؤمَّلُ وانتقامُ
يُقلِّبهُ برأي لاتجزَّا
ولايخبو لقدحته ضرام
وزيرٌ للوزير يرى فيُغني
إذا طرقت مجلِّحةٌ جُلام
له عزمٌ إذا نفذ ارتياءٌ
وإمضاءٌ إذا وقع اعتزام
فما لعزيمةٍ منه انفلالٌ
ولا لضريمةٍ منه اقتحام
ولا في عُقدةٍ منه انحلالٌ
ولا في عُروةٍ منه انفصام
متى ما انشامَ في غيبٍ صوابٌ
ن نعاه ابن الحسين فلا انشيام
يبيت أبو الحسين يرى أموراً
كبرتَ فغيرُك الغِرُّ الغُلامُ
وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
وأمسى ماء وجهك غاض عنه
فماء شؤونك الفيض السُّجام
وأصبحتِ الظباء مُجانباتٍ
جنابَك مالها فيه بُغامُ
وقد يأْلفْنَنِي ومعي سهامي
فما هذا النِّفار ولاسِهام
أأُوحشها وقد نصلتْ نِبالي
وأُونسها وفي نبلي الحِمام
لياليَ لاتزال لديَّ صرعى
لرشْقي في مقاتلها احتكام
ألا جاد الحيا تلكم ظِباءً
تزيِّنها المقاصرُ لا الخيام
عتُقن فهن من قربٍ مِلاحٌ
ورُقْن فهن من بُعْدِ فِخام
إلى الله الشَّكاة من اللواتي
مساكنُها الرُّصافة لا الرجام
بحيث تجبح الهدي قذما
وهاشم الأكارم لا هشام
مريضاتُ الجفونِ لغير داءٍ
لمن لابسْنَه الداءُ العُقام
سقامُ عيونهن سقامُ قلبي
وقد يهدي السقام لك السقام
أعاذلتي وحَبْلي قد تداعى
وللحبل اتصالٌ وانجِذامُ
كأن مناعمِي حُلمٌ تقضَّى
وأسراري مع الخلل احتلام
كُسيتُ البيضَ أخلاقاً رِماما
فوصْلُ البيضِ أخلاقٌ رِمام
فلا يتشتتنَّ عليك رأيٌ
فما للبيض والبيضِ التئام
بليتُ سوى المشيب غدا جديدا
عليَّ الفدُّ منه والتُّؤامُ
وكنتُ كروضةٍ للعين أضحَتْ
وما من نورها إلا النَّغام
وعبَّستِ الحِسانُ إلى مَشيبي
فما لثُغورها برقٌ يُشام
وما يُرجَى من البيض ابتسامٌ
لمن أمسى لمفرقه ابتسام
كأن محاسني لم تَضْحَ يوما
وفي لحظاتهنَّ لها اقتسام
كأني لمأر اللمحاتِ نحوي
وفي اللمحاتِ لثْمٌ والتزام
لئن ودعتُ جهلي غير قولي
ألا سُقِيتْ معاهدنا القِدامُ
لقد يهتزلي غصنٌ رطيبٌ
وقد يرتجُّ لي دِعْصٌ ركام
ويسقيني شفاءَ النَّفسِ ثغرٌ
ويسقيني شِفاء الوجْدِ جام
ويُسمعني رقاة الهمِّ شدْوا
تغادر كل يومٍ وهو رامُ
سماعٌ إن أردتَ إدامَ عيش
فذاك من السماع له إدام
عجيبٌ كالحبيب له هناتٌ
بها يُشفَى الجوى وبها يُهام
بأخضر جادَهُ طلٌّ ووبْلٌ
وما جرمته بينهما الرِّهام
غوادٍ لاتفرطُ أو سوارٍ
روائمُ لا يزالُ لها رِزام
فوردتُه وشُقْرتُه احمرارٌ
وحُمْرتُه وخَضرتُه ادْهِمَامُ
تقسَّمَ أمره شجرٌ وروضٌ
عليه من زواهره فِدامُ
كساه الغيثُ كِسوتَه فأضحى
له منها ائتزارٌ واعتمام
يظلُّ وللرِّياح به اصطخاب
وللعُجْمِ الفصاحِ به اختصام
وللقُضبِ اللِّدان به اعتناقٌ
وللأنوارِ فيهنَّ التئام
تراهُ إذا تجاوب طائراهُ
تُجاوِبُ عَثْعِثا فيه زُنامُ
حَمامٌ الأيكِ يُسعِدُه هَزارٌ
فدى المُكَّاء ذَيْنَكَ والسَّمام
وأخلاطٌ من الغَرداتِ شتَّى
حواسرُ أو عليهنَّ الكِمام
ألا لا عَيْشَ لي إلا زهيدا
ودونَ لِثام من أهوى لِثام
وكم نادمتُ راحَ الروحِ فاهُ
ولكن خانني ذاك الندام
كأني لم أبِتْ أُسقى رُضاباً
يموتُ به ويحيا المُستهام
تُعلِّلنيه واضحةُ الثنايا
كأن لقاءها حولا لِمام
تنفّس كالشَّمولِ ضُحى شمالٍ
إذا ما فُضَّ عن فمها الخِتام
وتسقيكَ الذي يشفي ويُدوي
ففي الأحشاء بردٌ واضطرامُ
وقالوا لو أدارَ الراحَ كانت
له عِوَضا وفارقهُ الهُيامُ
فقلتُ مُدامُ أفواهِ الغواني
مُدامٌ لا يعادله مُدامُ
عزاؤك عن شباب نالَ منه
رمانٌ فيه لينٌ واعتزام
فقَبْلكَ قام أقوامٌ قُعودٌ
لريب الدهر أوقعد القيام
وما يَنفَكُّ يَلْقَى الكُرْهَ فيهِ
فِئامٌ قد تَقَدَّمَهُ فِئام
إذا أدار على بني حامٍ وسامٍ
كؤوسا مُرَّةً حامٌ وسام
نهارٌ شكْلُهُ في اللون سامٌ
وليلٌ شكلُهُ في اللون حام
وهذا الدهرُ أطوارٌ تراها
وفيها الشَّهْدُ يُجنى والسِّمام
فأعوام كأن العام يومٌ
وأيامٌ كأن اليومَ عام
كدأبِ النَّحلِ أرْيٌ أو حُماتٌ
ودأبِ النخلِ شَوْك أو جُرام
ولاتَجزَعْ فصرفُ الدَّهْرِ كلْمٌ
وتَعفيةٌ وإن دَمِيَتْ كِلام
سيُسليك الشبيبةَ أرْيَحِيٌّ
بجودِ يديْه أورقتِ السِّلام
يحُلُّ من المكارم والمعالي
بحيثُ الرأسُ منها والسَّنام
له ذِكرٌ إليها مُستراحٌ
وناحيةٌ إليها مُستنام
مُدبِّرُ دولةٍ وقِوامُ مُلْكِ
كهِمَّتك المدبر والقِوام
يروقك أو يروعك لابظلم
كما يتلوَّن السيفُ الحُسام
يضاحك تارة ويكون أخرى
بحيث تَهُزُّه قصر وهام
فآونةً لصفحته انبلاجٌ
وآونةً لشفرته اصطلام
أخو قلم صروفُ الدهر منه
ففيه العيشُ والموتُ الزُّؤام
كتابتُه مناقفةُ العوالي
وليستْ ما يُرَقِّشه القِلام
ضئيلٌ شأنهُ شأنٌ نبيلٌ
يَطُوعُ لأمره الجيشُ اللُّهامُ
به تَبْدو الصوارمُ حين تَخفى
وتَخفى حين تبدو والخِدام
إذا سكناتُ صاحبه أمَّلتْ
على حركاته سكنَ الأنام
أخو ثقةٍ إذا الأقلام أضحتْ
بني حِمَّان عَمَّهُمُ الزكام
أمينٌ في معابيه أمونٌ
سليمُ الأنفِ ليسَ به زُكام
تمج الفيء والمعروفَ مجا
وللأقلام حَطْم وانتقام
بكفِّ فتًى له نَفْعٌ وضرٌّ
وإنعامٌ يُؤمَّلُ وانتقامُ
يُقلِّبهُ برأي لاتجزَّا
ولايخبو لقدحته ضرام
وزيرٌ للوزير يرى فيُغني
إذا طرقت مجلِّحةٌ جُلام
له عزمٌ إذا نفذ ارتياءٌ
وإمضاءٌ إذا وقع اعتزام
فما لعزيمةٍ منه انفلالٌ
ولا لضريمةٍ منه اقتحام
ولا في عُقدةٍ منه انحلالٌ
ولا في عُروةٍ منه انفصام
متى ما انشامَ في غيبٍ صوابٌ
نعاه ابن الحسين فلا انشيام
يبيت أبو الحسين يرى أموراً
لها في سُدفةِ الغيب اكتمام
يراه أبو الحسين وإن تَوارى
كبرتَ فغيرُك الغِرُّ الغُلامُ
ص وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
وأمسى ماء وجهك غاض عنه
فماء شؤونك الفيض السُّجام
وأصبحتِ الظباء مُجانباتٍ
جنابَك مالها فيه بُغامُ
وقد يأْلفْنَنِي ومعي سهامي
فما هذا النِّفار ولاسِهام
أأُوحشها وقد نصلتْ نِبالي
وأُونسها وفي نبلي الحِمام
لياليَ لاتزال لديَّ صرعى
لرشْقي في مقاتلها احتكام
ألا جاد الحيا تلكم ظِباءً
تزيِّنها المقاصرُ لا الخيام
عتُقن فهن من قربٍ مِلاحٌ
ورُقْن فهن من بُعْدِ فِخام
إلى الله الشَّكاة من اللواتي
مساكنُها الرُّصافة لا الرجام
بحيث تجبح الهدي قذما
وهاشم الأكارم لا هشام
مريضاتُ الجفونِ لغير داءٍ
لمن لابسْنَه الداءُ العُقام
سقامُ عيونهن سقامُ قلبي
وقد يهدي السقام لك السقام
أعاذلتي وحَبْلي قد تداعى
وللحبل اتصالٌ وانجِذامُ
كأن مناعمِي حُلمٌ تقضَّى
وأسراري مع الخلل احتلام
كُسيتُ البيضَ أخلاقاً رِماما
فوصْلُ البيضِ أخلاقٌ رِمام
فلا يتشتتنَّ عليك رأيٌ
فما للبيض والبيضِ التئام
بليتُ سوى المشيب غدا جديدا
عليَّ الفدُّ منه والتُّؤامُ
وكنتُ كروضةٍ للعين أضحَتْ
وما من نورها إلا النَّغام
وعبَّستِ الحِسانُ إلى مَشيبي
فما لثُغورها برقٌ يُشام
وما يُرجَى من البيض ابتسامٌ
لمن أمسى لمفرقه ابتسام
كأن محاسني لم تَضْحَ يوما
وفي لحظاتهنَّ لها اقتسام
كأني لمأر اللمحاتِ نحوي
وفي اللمحاتِ لثْمٌ والتزام
لئن ودعتُ جهلي غير قولي
ألا سُقِيتْ معاهدنا القِدامُ
لقد يهتزلي غصنٌ رطيبٌ
وقد يرتجُّ لي دِعْصٌ ركام
ويسقيني شفاءَ النَّفسِ ثغرٌ
ويسقيني شِفاء الوجْدِ جام
ويُسمعني رقاة الهمِّ شدْوا
تغادر كل يومٍ وهو رامُ
سماعٌ إن أردتَ إدامَ عيش
فذاك من السماع له إدام
عجيبٌ كالحبيب له هناتٌ
بها يُشفَى الجوى وبها يُهام
بأخضر جادَهُ طلٌّ ووبْلٌ
وما جرمته بينهما الرِّهام
غوادٍ لاتفرطُ أو سوارٍ
روائمُ لا يزالُ لها رِزام
فوردتُه وشُقْرتُه احمرارٌ
وحُمْرتُه وخَضرتُه ادْهِمَامُ
تقسَّمَ أمره شجرٌ وروضٌ
عليه من زواهره فِدامُ
كساه الغيثُ كِسوتَه فأضحى
له منها ائتزارٌ واعتمام
يظلُّ وللرِّياح به اصطخاب
وللعُجْمِ الفصاحِ به اختصام
وللقُضبِ اللِّدان به اعتناقٌ
وللأنوارِ فيهنَّ التئام
تراهُ إذا تجاوب طائراهُ
تُجاوِبُ عَثْعِثا فيه زُنامُ
حَمامٌ الأيكِ يُسعِدُه هَزارٌ
فدى المُكَّاء ذَيْنَكَ والسَّمام
وأخلاطٌ من الغَرداتِ شتَّى
حواسرُ أو عليهنَّ الكِمام
ألا لا عَيْشَ لي إلا زهيدا
ودونَ لِثام من أهوى لِثام
وكم نادمتُ راحَ الروحِ فاهُ
ولكن خانني ذاك الندام
كأني لم أبِتْ أُسقى رُضاباً
يموتُ به ويحيا المُستهام
تُعلِّلنيه واضحةُ الثنايا
كأن لقاءها حولا لِمام
تنفّس كالشَّمولِ ضُحى شمالٍ
إذا ما فُضَّ عن فمها الخِتام
وتسقيكَ الذي يشفي ويُدوي
ففي الأحشاء بردٌ واضطرامُ
وقالوا لو أدارَ الراحَ كانت
له عِوَضا وفارقهُ الهُيامُ
فقلتُ مُدامُ أفواهِ الغواني
مُدامٌ لا يعادله مُدامُ
عزاؤك عن شباب نالَ منه
رمانٌ فيه لينٌ واعتزام
فقَبْلكَ قام أقوامٌ قُعودٌ
لريب الدهر أوقعد القيام
وما يَنفَكُّ يَلْقَى الكُرْهَ فيهِ
فِئامٌ قد تَقَدَّمَهُ فِئام
إذا أدار على بني حامٍ وسامٍ
كؤوسا مُرَّةً حامٌ وسام
نهارٌ شكْلُهُ في اللون سامٌ
وليلٌ شكلُهُ في اللون حام
وهذا الدهرُ أطوارٌ تراها
وفيها الشَّهْدُ يُجنى والسِّمام
فأعوام كأن العام يومٌ
وأيامٌ كأن اليومَ عام
كدأبِ النَّحلِ أرْيٌ أو حُماتٌ
ودأبِ النخلِ شَوْك أو جُرام
ولاتَجزَعْ فصرفُ الدَّهْرِ كلْمٌ
وتَعفيةٌ وإن دَمِيَتْ كِلام
سيُسليك الشبيبةَ أرْيَحِيٌّ
بجودِ يديْه أورقتِ السِّلام
يحُلُّ من المكارم والمعالي
بحيثُ الرأسُ منها والسَّنام
له ذِكرٌ إليها مُستراحٌ
وناحيةٌ إليها مُستنام
مُدبِّرُ دولةٍ وقِوامُ مُلْكِ
كهِمَّتك المدبر والقِوام
يروقك أو يروعك لابظلم
كما يتلوَّن السيفُ الحُسام
يضاحك تارة ويكون أخرى
بحيث تَهُزُّه قصر وهام
فآونةً لصفحته انبلاجٌ
وآونةً لشفرته اصطلام
أخو قلم صروفُ الدهر منه
ففيه العيشُ والموتُ الزُّؤام
كتابتُه مناقفةُ العوالي
وليستْ ما يُرَقِّشه القِلام
ضئيلٌ شأنهُ شأنٌ نبيلٌ
يَطُوعُ لأمره الجيشُ اللُّهامُ
به تَبْدو الصوارمُ حين تَخفى
وتَخفى حين تبدو والخِدام
إذا سكناتُ صاحبه أمَّلتْ
على حركاته سكنَ الأنام
أخو ثقةٍ إذا الأقلام أضحتْ
بني حِمَّان عَمَّهُمُ الزكام
أمينٌ في معابيه أمونٌ
سليمُ الأنفِ ليسَ به زُكام
تمج الفيء والمعروفَ مجا
وللأقلام حَطْم وانتقام
بكفِّ فتًى له نَفْعٌ وضرٌّ
وإنعامٌ يُؤمَّلُ وانتقامُ
يُقلِّبهُ برأي لاتجزَّا
ولايخبو لقدحته ضرام
وزيرٌ للوزير يرى فيُغني
إذا طرقت مجلِّحةٌ جُلام
له عزمٌ إذا نفذ ارتياءٌ
وإمضاءٌ إذا وقع اعتزام
فما لعزيمةٍ منه انفلالٌ
ولا لضريمةٍ منه اقتحام
ولا في عُقدةٍ منه انحلالٌ
ولا في عُروةٍ منه انفصام
متى ما انشامَ في غيبٍ صوابٌ
نعاه ابن الحسين فلا انشيام
يبيت أبو الحسين يرى أموراً
لها في سُدفةِ الغيب اكتمام
يراه أبو الحسين وإن تَوارى
بعين لا تَكِلُّ ولاتنام
ولولا حَمْلهُ الأثقالَأضحت
ظُهورُ معاشرٍ ولها انحطام
ولكنْ قدْ تَحمَّلها ضليعٌ
له في الخَطْبِ حَزمٌ واحتزام
محمدٌ بنُ أحمد بن يحيى
لأنفِ عدو نعمتِه الرُّغام
وغرس الأصبغي كفاكَ غرسا
إذا غُرِسَ الهشيمُ أو الحُطام
تخيَّره الوزيرُ وزيرَ صدقٍ
وللوزراء خبطٌ واعتيام
فرأفتُه بنا فوق التمنِّي
إذا كثُر التغطرسُ والعُرام
ونائلهُ لنا فلنا اقتراعٌ
على نفحاتِه ولنا استهام
ولاعاتٍ يصولُ على ضعيفٍ
صِيالَ الفيل هاج به اغتلام
نُساسُ ولانُجاس وكم عداءٍ
غدا لمآثم منه النَّدام
وقد نُحدَى كما تُحدَى المطايا
وقد نُرعَى كما تُرعى البِهام
فتى ضامتْ يداهُ الدهرَ حتى
تعزَّ به المضيمُ فما يُضام
يزيدُك كلَّما أغليتَ حمدا
به رِبحا وفيه لك انهضامُ
كذا أخلاقُ مُبتاعي المعالي
ترفَّعُ كلما رُفِعَ استيام
يجودُ فجودُهُ كرمٌ ودِينٌ
بعضُ الجودِ بذخٌ أو وئام
تناهبَ مالهُ شرقٌ وغربٌ
ولمَّا يُعفِه يمنٌ وشام
فأصبحَ والثناءُ عليه فرضٌ
على هذا الورى حتْمٌ لِزام
جديرا أن يحوزَ الحمدَ عفواً
إذا ماعزَّ من حَمْدٍ مَرام
بمالٍ لا يُشدُّ عليه عقْدٌ
وجاهٍ لا يُحَلُّ له حِزام
أقامهما لملتمسٍ جَداهُ
كريمٌ للكرامِ به ائتمام
تقاسَمَ وجهُهُ ويداه منه
محاسنَ لا يُعفِّيها القتام
فأقسامُ المكارمِ في يديْهِ
وللوجهِ الوضاءةُ والقسامُ
فليستْ تُشرقُ الآفاقُ إلا
إذا طلعتْ محاسنه الوِسام
رأى الضّلِّيلُ قَصدَ هُداهُ فيه
وأسهبَ في ممادحه العبام
مكارمُهُ إذا ذُكرتْ جِبالٌ
وكم قومٍ مكارمُهم رِضام
تعوَّدتِ المحامدَ والعطايا
أناملُ منه نائلها انسجام
فليس لها عن الحمدِ انفراجٌ
وليس لها على المالِ انضمام
لبدْأتِهِ حيا ومتى عَرَضْنا
لعودته فليس لها جهام
يُبادِرُ أن يَصِلَّ المالُ حتى
كأنَّ المالَ يملكه لحام
وليس يصِلُّ صفْوُ التبرِ لكن
له في ماله حدٌّ هُذام
وليس أمام نائله عُبوسٌ
وليس وراءه منه نَدام
يُساقِطُهُ النَّدى حتى تراهُ
وليس لجانبٍ منه ادِّعام
ويُمسكهُ الحجا حتى تراه
ومافي جانبٍ منه انثلام
لذلك لاتزالُ له عطايا
لهُنَّ على مؤمِّله ازدحام
كما ليستْ تزال له دواةً
لداهٍ في مَهالكها ارتطام
وبادي الجهل جَاوَدَهُ فقلنا
متى استعلى على النخلِ البشام
وساهِي العقلِ ناجَدَهُ فقلنا
متى أربى على النبعِ الثُّمام
أما وأبي الحُسينِ فداهُ قومٌ
لهُمْ نِعَمٌ وأكثرهُمْ نعام
لموَّلني إلى أن قال أهلي
أأحلامٌ يُخيِّلُها منام
وقومني إلى أن قام عُودي
فما في متنهِ أودٌ يُقام
برأْيٍ لستُ أبرحُ منه أضحى
وجودٍ لا أزالُ له أُغام
نفتْ جَهلي نُهاه وشيَّبتني
لُهاه فها أنا الكَهْلُ الغُلام
فدته النفسُ من بان كريم
مبانيه المكارمُ لا الرُّخام
بني لي همتِي حتى تعالتْ
وكانت مرَّةً وهي اهتمام
أسائلتي حججت البيت إني
حججتُ فتى المُروءةِ يا أدام
حججت أبا الحسين وكان حجي
إليه لا يُذم ولا يُذام
أُقبّلُ كفُّهُ وأعلُّ منها
نَدًى يُشْفى به مني الأُوام
فلي من بطن راحته ارتِواء
ولي في ظهر راحته استلام
ظللتُ بمأمنٍ منه حريزٍ
يخيل أنه البيت الحرام
وزمزمُ والحطيم لديَّ منه
هنالك والمشاعرُ والمقام
مقامٌ تُنْشدُ الأمداحُ تَتْرى
ويُرْعى الحقُّ فيه والذِّمام
وكم نِضْوٍ أناخ بها إليه
تضيَّفُها المجادب والسآم
أتَتْهُ تَجوبُ عرضَ الأرضِ جَوْباً
إليه لها خبيبٌ وارتئام
إذا قطعتْ من المَوماةِ مَرْتاً
من الأمرات ليس به عِلام
وللْيَعْفورِ في الكَزِّ انغماسٌ
وللحِرباء في الضِّحِّ اصْطخام
تطايرَ عن مناسِمِها حصاهُ
وسافرَ عن مشافرها اللُّغام
على ثقةٍ بأنْ سترى وترعى
ربيعاً للطَّليح به مَسام
وأن ستفيء تامكة الأعالي
كأن سنامها الرعِنُ الخُشام
فوافتْ لا ربيعَ الحولِ لكن
ربيعَ الدهرِ ليس له انصرام
مرادُ معيشةٍ ومعانُ علم
يدُلُّ على فضيلتِه الزِّحام
معانٌ في مواردِهِ شِفاءٌ
لمن أضحى لعلته احتدام
له العفواتُ من شِعري بعُرْفٍ
إلى العفواتِ منه والجِمام
أخٌ كم باتَ ضيْفي في قِراه
قريرَ العينِ ليس به اعتِمام
وقد أجْممتُهُ زمناً وأنَّى
وليس يُفارقُ البحرَ الجمام
وحُقَّ عليّ إهداءُ اعتذارٍ
وإنْ لم يُهدَ لي منه اتِّهام
إليك أبا الحسين أقودُ قولاً
له من حبلك الألوى خطام
شهدتُ لقد منحتُكَ صفو ودي
ولا لومٌ عليَّ ولا أثامُ
وما قصَّرتُ في التأميلِ كلا
ولا أمسيتَ عن حقي تنامُ
جعلتُكَ قبلة الآمال مني
فهنَّ مُصلياتٌ لاصيام
وكيف تصومُ آمالٌ غِراثٌ
ونائلُك الهنيء لها طعام
طعامٌ لا وخامةَ فيه تُخشى
وفي المعروف أطعمةٌ وِخام
وكنتُ إذا أنختُ إليك عيسى
وآمالي غراثُ أو عِيام
أنختُ بحيث تبيضُّ الأيادي
وتسودُّ المطابخُ والبِرام
خلا أني أهابُكَ لا لسوء
كما تتهَّيبُ البحرَ الهيام
ويملكني حيائي حين تُربي
على شكري دسائِعُك الضِّخام
ألم تر أننا لما التقينا
فغنَّتني صنائعُك الجسام
رأيتُ الشكر قد ضعفت قواه
فشمر للفرار ولا يُلام
وكنتَ الغالب المنصور جندا
إذا لاقى تذمُّمك الذمام
وما تنفك تغلبُ كل شكرٍ
بعُرفٍ ما لعُروته انفصام
وذاك بأن أبيح فليس يُحمى
وليس بأن أعزَّ فما يُرام
وكنتُ إذا نوى المحسانُ ظعنا
عن الحسنى فنيتك المُقام
فإن راثَ اللفاءُ فلا تلمني
فإن تخلُّفي عنك انهزامُ
ووكدُك طرد زَوْرك بالعطايا
كذلك يطردُ الزَوْر الكرامُ
وكم تبعَ المولِّي منك سيبٌ
فلم يُقدرَ له منه انعصامُ
غمامٌ جدَّ في آثارِ سارٍ
أغدَّ سُرى فأدركه الغمام
وهل ينجو من الركبان ناجٍ
وطالبُهُ الغمامُ أو الظلام
شكوتُ نداك لا أن قلَّ لكن
لأن كثرتْ أياديه العظام
وأني قد بعلتُ به فأضحى
كأن مغانمي منه غرام
كما يشكو امرؤ طغيانَ سيلٍ
تساوى الوهدُ فيه والأكام
وما أشكوه منك إلى رحيم
وشكري في ذَراهُ مستضام
وما لمْ تهتضم شكري بطولٍ
فليس ينالني منك اهتضام
ولستَ بمُعتبي من بدء عرفٍ
بغير العود ماسجَعَ الحمام
فعاودْ كيف شئت فلست أشكو
وهل يشكو الندى إلا اللئام
ومامعروفك الممدود عني
بمنقطع إذا انقطع الكلام
خدعتُك وانخداعك لي خليقٌ
على الله الزيادةُ والتمام
وقلتُ كأنني يوم بسيلٍ
لأعلاه وأسفله التطام
ولم أبْرمْ بعرفك غير أني
برمتُ بحملِ شكرك والسلام
وكم أنطقتني بلُهى توالت
وما صمتي وللقول انتظامُ
وكم أسكتَّني بلهى تغالت
وما نُطقي وللبحر التطامُ
وما ينفكُّ يلحمنا ويجري
ندًى لك لا ينهنهه لجامُ
يُبر فنستكينُ وغيرُ نكرٍ
إذا شُبَّ الجلادُ خبا اللِّطام
وما أعطيتَ إلا ارتاشَ حر
وأطرق والحياءُ له كِعام
تسدُّ فُقورنا وتغضُّ منا
فنستعفي هناك ونُستذام
ونلقى منك محتقر الهاهُ
وحول أخسِّها قدرا يُحام
بنًى لاحاتمٌ كان ابتناها
ولا أوسٌ وحارثة ولام
ولكن كسرويٌّ ذو فعالٍ
له بدءٌ وليس له اختتام
فيا عجبي أأستحيي لعجزي
وفيك لأن تسامحني اغتنام
تحب الشكر لا ما كدَّ حرا
بل المجرى يُعاقبه المصام
متى ناقشتَ ذا شكرٍ حسابا
فيدْخلُني من العجز احتشام
ألستَ المرءَ يكرمُ في حياء
كأن صنيعك الحسنَ اجترام
ويكتمُ عُرفهُ فيفوحُ منه
وليس لساطع المسكِ اكتتام
ونبخس شكره فله اغتفارٌ
ونظلمُ ماله فله اظطلام
بلى فسقاكَ ربكَ حيثُ تُسقى
جحاجحةُ المروءِةِ لا الطَّغامُ
فقد يُسقى الرجالُ وهم رسومٌ
وقد يُرعى الرجالُ وهم سوامُ
غدا الساعون خلفك في المعالي
كمثلِ الصفّ يقدمهُ الإمام
وسامني الزمانُ رجالَ مجدٍ
فكنتَ نصيّتي فما أُسام
أهلَّةُ أسعُدٍ ونجومُ يمُن
ولكن بذَّها قمرٌ تمام
ومن يخترك لا يُحمد وأنَّى
وقد هَدى توسُّمه الوسام
وليس وإن عداهُ الحمدُ ممنه كبرتَ فغيرُك الغِرُّ الغُلامُ
وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
وأمسى ماء وجهك غاض عنه
فماء شؤونك الفيض السُّجام
وأصبحتِ الظباء مُجانباتٍ
جنابَك مالها فيه بُغامُ
وقد يأْلفْنَنِي ومعي سهامي
فما هذا النِّفار ولاسِهام
أأُوحشها وقد نصلتْ نِبالي
وأُونسها وفي نبلي الحِمام
لياليَ لاتزال لديَّ صرعى
لرشْقي في مقاتلها احتكام
ألا جاد الحيا تلكم ظِباءً
تزيِّنها المقاصرُ لا الخيام
عتُقن فهن من قربٍ مِلاحٌ
ورُقْن فهن من بُعْدِ فِخام
إلى الله الشَّكاة من اللواتي
مساكنُها الرُّصافة لا الرجام
بحيث تجبح الهدي قذما
وهاشم الأكارم لا هشام
مريضاتُ الجفونِ لغير داءٍ
لمن لابسْنَه الداءُ العُقام
سقامُ عيونهن سقامُ قلبي
وقد يهدي السقام لك السقام
أعاذلتي وحَبْلي قد تداعى
وللحبل اتصالٌ وانجِذامُ
كأن مناعمِي حُلمٌ تقضَّى
وأسراري مع الخلل احتلام
كُسيتُ البيضَ أخلاقاً رِماما
فوصْلُ البيضِ أخلاقٌ رِمام
فلا يتشتتنَّ عليك رأيٌ
فما للبيض والبيضِ التئام
بليتُ سوى المشيب غدا جديدا
عليَّ الفدُّ منه والتُّؤامُ
وكنتُ كروضةٍ للعين أضحَتْ
وما من نورها إلا النَّغام
وعبَّستِ الحِسانُ إلى مَشيبي
فما لثُغورها برقٌ يُشام
وما يُرجَى من البيض ابتسامٌ
لمن أمسى لمفرقه ابتسام
كأن محاسني لم تَضْحَ يوما
وفي لحظاتهنَّ لها اقتسام
كأني لمأر اللمحاتِ نحوي
وفي اللمحاتِ لثْمٌ والتزام
لئن ودعتُ جهلي غير قولي
ألا سُقِيتْ معاهدنا القِدامُ
لقد يهتزلي غصنٌ رطيبٌ
وقد يرتجُّ لي دِعْصٌ ركام
ويسقيني شفاءَ النَّفسِ ثغرٌ
ويسقيني شِفاء الوجْدِ جام
ويُسمعني رقاة الهمِّ شدْوا
تغادر كل يومٍ وهو رامُ
سماعٌ إن أردتَ إدامَ عيش
فذاك من السماع له إدام
عجيبٌ كالحبيب له هناتٌ
بها يُشفَى الجوى وبها يُهام
بأخضر جادَهُ طلٌّ ووبْلٌ
وما جرمته بينهما الرِّهام
غوادٍ لاتفرطُ أو سوارٍ
روائمُ لا يزالُ لها رِزام
فوردتُه وشُقْرتُه احمرارٌ
وحُمْرتُه وخَضرتُه ادْهِمَامُ
تقسَّمَ أمره شجرٌ وروضٌ
عليه من زواهره فِدامُ
كساه الغيثُ كِسوتَه فأضحى
له منها ائتزارٌ واعتمام
يظلُّ وللرِّياح به اصطخاب
وللعُجْمِ الفصاحِ به اختصام
وللقُضبِ اللِّدان به اعتناقٌ
وللأنوارِ فيهنَّ التئام
تراهُ إذا تجاوب طائراهُ
تُجاوِبُ عَثْعِثا فيه زُنامُ
حَمامٌ الأيكِ يُسعِدُه هَزارٌ
فدى المُكَّاء ذَيْنَكَ والسَّمام
وأخلاطٌ من الغَرداتِ شتَّى
حواسرُ أو عليهنَّ الكِمام
ألا لا عَيْشَ لي إلا زهيدا
ودونَ لِثام من أهوى لِثام
وكم نادمتُ راحَ الروحِ فاهُ
ولكن خانني ذاك الندام
كأني لم أبِتْ أُسقى رُضاباً
يموتُ به ويحيا المُستهام
تُعلِّلنيه واضحةُ الثنايا
كأن لقاءها حولا لِمام
تنفّس كالشَّمولِ ضُحى شمالٍ
إذا ما فُضَّ عن فمها الخِتام
وتسقيكَ الذي يشفي ويُدوي
ففي الأحشاء بردٌ واضطرامُ
وقالوا لو أدارَ الراحَ كانت
له عِوَضا وفارقهُ الهُيامُ
فقلتُ مُدامُ أفواهِ الغواني
مُدامٌ لا يعادله مُدامُ
عزاؤك عن شباب نالَ منه
رمانٌ فيه لينٌ واعتزام
فقَبْلكَ قام أقوامٌ قُعودٌ
لريب الدهر أوقعد القيام
وما يَنفَكُّ يَلْقَى الكُرْهَ فيهِ
فِئامٌ قد تَقَدَّمَهُ فِئام
إذا أدار على بني حامٍ وسامٍ
كؤوسا مُرَّةً حامٌ وسام
نهارٌ شكْلُهُ في اللون سامٌ
وليلٌ شكلُهُ في اللون حام
وهذا الدهرُ أطوارٌ تراها
وفيها الشَّهْدُ يُجنى والسِّمام
فأعوام كأن العام يومٌ
وأيامٌ كأن اليومَ عام
كدأبِ النَّحلِ أرْيٌ أو حُماتٌ
ودأبِ النخلِ شَوْك أو جُرام
ولاتَجزَعْ فصرفُ الدَّهْرِ كلْمٌ
وتَعفيةٌ وإن دَمِيَتْ كِلام
سيُسليك الشبيبةَ أرْيَحِيٌّ
بجودِ يديْه أورقتِ السِّلام
يحُلُّ من المكارم والمعالي
بحيثُ الرأسُ منها والسَّنام
له ذِكرٌ إليها مُستراحٌ
وناحيةٌ إليها مُستنام
مُدبِّرُ دولةٍ وقِوامُ مُلْكِ
كهِمَّتك المدبر والقِوام
يروقك أو يروعك لابظلم
كما يتلوَّن السيفُ الحُسام
يضاحك تارة ويكون أخرى
بحيث تَهُزُّه قصر وهام
فآونةً لصفحته انبلاجٌ
وآونةً لشفرته اصطلام
أخو قلم صروفُ الدهر منه
ففيه العيشُ والموتُ الزُّؤام
كتابتُه مناقفةُ العوالي
وليستْ ما يُرَقِّشه القِلام
ضئيلٌ شأنهُ شأنٌ نبيلٌ
يَطُوعُ لأمره الجيشُ اللُّهامُ
به تَبْدو الصوارمُ حين تَخفى
وتَخفى حين تبدو والخِدام
إذا سكناتُ صاحبه أمَّلتْ
على حركاته سكنَ الأنام
أخو ثقةٍ إذا الأقلام أضحتْ
بني حِمَّان عَمَّهُمُ الزكام
أمينٌ في معابيه أمونٌ
سليمُ الأنفِ ليسَ به زُكام
تمج الفيء والمعروفَ مجا
وللأقلام حَطْم وانتقام
بكفِّ فتًى له نَفْعٌ وضرٌّ
وإنعامٌ يُؤمَّلُ وانتقامُ
يُقلِّبهُ برأي لاتجزَّا
ولايخبو لقدحته ضرام
وزيرٌ للوزير يرى فيُغني
إذا طرقت مجلِّحةٌ جُلام
له عزمٌ إذا نفذ ارتياءٌ
وإمضاءٌ إذا وقع اعتزام
فما لعزيمةٍ منه انفلالٌ
ولا لضريمةٍ منه اقتحام
ولا في عُقدةٍ منه انحلالٌ
ولا في عُروةٍ منه انفصام
متى ما انشامَ في غيبٍ صوابٌ
نعاه ابن الحسين فلا انشيام
يبيت أبو الحسين يرى أموراً
لها في سُدفةِ الغيب اكتمام
يراه أبو الحسين وإن تَوارى
بعين لا تَكِلُّ ولاتنام
ولولا حَمْلهُ الأثقالَأضحت
ظُهورُ معاشرٍ ولها انحطام
ولكنْ قدْ تَحمَّلها ضليعٌ
له في الخَطْبِ حَزمٌ واحتزام
محمدٌ بنُ أحمد بن يحيى
لأنفِ عدو نعمتِه الرُّغام
وغرس الأصبغي كفاكَ غرسا
إذا غُرِسَ الهشيمُ أو الحُطام
تخيَّره الوزيرُ وزيرَ صدقٍ
وللوزراء خبطٌ واعتيام
فرأفتُه بنا فوق التمنِّي
إذا كثُر التغطرسُ والعُرام
ونائلهُ لنا فلنا اقتراعٌ
على نفحاتِه ولنا استهام
ولاعاتٍ يصولُ على ضعيفٍ
صِيالَ الفيل هاج به اغتلام
نُساسُ ولانُجاس وكم عداءٍ
غدا لمآثم منه النَّدام
وقد نُحدَى كما تُحدَى المطايا
وقد نُرعَى كما تُرعى البِهام
فتى ضامتْ يداهُ الدهرَ حتى
تعزَّ به المضيمُ فما يُضام
يزيدُك كلَّما أغليتَ حمدا
به رِبحا وفيه لك انهضامُ
كذا أخلاقُ مُبتاعي المعالي
ترفَّعُ كلما رُفِعَ استيام
يجودُ فجودُهُ كرمٌ ودِينٌ
بعضُ الجودِ بذخٌ أو وئام
تناهبَ مالهُ شرقٌ وغربٌ
ولمَّا يُعفِه يمنٌ وشام
فأصبحَ والثناءُ عليه فرضٌ
على هذا الورى حتْمٌ لِزام
جديرا أن يحوزَ الحمدَ عفواً
إذا ماعزَّ من حَمْدٍ مَرام
بمالٍ لا يُشدُّ عليه عقْدٌ
وجاهٍ لا يُحَلُّ له حِزام
أقامهما لملتمسٍ جَداهُ
كريمٌ للكرامِ به ائتمام
تقاسَمَ وجهُهُ ويداه منه
محاسنَ لا يُعفِّيها القتام
فأقسامُ المكارمِ في يديْهِ
وللوجهِ الوضاءةُ والقسامُ
فليستْ تُشرقُ الآفاقُ إلا
إذا طلعتْ محاسنه الوِسام
رأى الضّلِّيلُ قَصدَ هُداهُ فيه
وأسهبَ في ممادحه العبام
مكارمُهُ إذا ذُكرتْ جِبالٌ
وكم قومٍ مكارمُهم رِضام
تعوَّدتِ المحامدَ والعطايا
أناملُ منه نائلها انسجام
فليس لها عن الحمدِ انفراجٌ
وليس لها على المالِ انضمام
لبدْأتِهِ حيا ومتى عَرَضْنا
لعودته فليس لها جهام
يُبادِرُ أن يَصِلَّ المالُ حتى
كأنَّ المالَ يملكله لحام
وليس يصِلُّ صفْوُ التبرِ لكن
له في ماله حدٌّ هُذام
وليس أمام نائله عُبوسٌ
وليس وراءه منه نَدام
يُساقِطُهُ النَّدى حتى تراهُ
وليس لجانبٍ منه ادِّعام
ويُمسكهُ الحجا حتى تراه
ومافي جانبٍ منه انثلام
لذلك لاتزالُ له عطايا
لهُنَّ على مؤمِّله ازدحام
كما ليستْ تزال له دواةً
لداهٍ في مَهالكها ارتطام
وبادي الجهل جَاوَدَهُ فقلنا
متى استعلى على النخلِ البشام
وساهِي العقلِ ناجَدَهُ فقلنا
متى أربى على النبعِ الثُّمام
أما وأبي الحُسينِ فداهُ قومٌ
لهُمْ نِعَمٌ وأكثرهُمْ نعام
لموَّلني إلى أن قال أهلي
أأحلامٌ يُخيِّلُها منام
وقومني إلى أن قام عُودي
فما في متنهِ أودٌ يُقام
برأْيٍ لستُ أبرحُ منه أضحى
وجودٍ لا أزالُ له أُغام
نفتْ جَهلي نُهاه وشيَّبتني
لُهاه فها أنا الكَهْلُ الغُلام
فدته النفسُ من بان كريم
مبانيه المكارمُ لا الرُّخام
بني لي همتِي حتى تعالتْ
وكانت مرَّةً وهي اهتمام
أسائلتي حججت البيت إني
حججتُ فتى المُروءةِ يا أدام
حججت أبا الحسين وكان حجي
إليه لا يُذم ولا يُذام
أُقبّلُ كفُّهُ وأعلُّ منها
نَدًى يُشْفى به مني الأُوام
فلي من بطن راحته ارتِواء
ولي في ظهر راحته استلام
ظللتُ بمأمنٍ منه حريزٍ
يخيل أنه البيت الحرام
وزمزمُ والحطيم لديَّ منه
هنالك والمشاعرُ والمقام
مقامٌ تُنْشدُ الأمداحُ تَتْرى
ويُرْعى الحقُّ فيه والذِّمام
وكم نِضْوٍ أناخ بها إليه
تضيَّفُها المجادب والسآم
أتَتْهُ تَجوبُ عرضَ الأرضِ جَوْباً
إليه لها خبيبٌ وارتئام
إذا قطعتْ من المَوماةِ مَرْتاً
من الأمرات ليس به عِلام
وللْيَعْفورِ في الكَزِّ انغماسٌ
وللحِرباء في الضِّحِّ اصْطخام
تطايرَ عن مناسِمِها حصاهُ
وسافرَ عن مشافرها اللُّغام
على ثقةٍ بأنْ سترى وترعى
ربيعاً للطَّليح به مَسام
وأن ستفيء تامكة الأعالي
كأن سنامها الرعِنُ الخُشام
فوافتْ لا ربيعَ الحولِ لكن
ربيعَ الدهرِ ليس له انصرام
مرادُ معيشةٍ ومعانُ علم
يدُلُّ على فضيلتِه الزِّحام
معانٌ في مواردِهِ شِفاءٌ
لمن أضحى لعلته احتدام
له العفواتُ من شِعري بعُرْفٍ
إلى العفواتِ منه والجِمام
أخٌ كم باتَ ضيْفي في قِراه
قريرَ العينِ ليس به اعتِمام
وقد أجْممتُهُ زمناً وأنَّى
وليس يُفارقُ البحرَ الجمام
وحُقَّ عليّ إهداءُ اعتذارٍ
وإنْ لم يُهدَ لي منه اتِّهام
إليك أبا الحسين أقودُ قولاً
له من حبلك الألوى خطام
شهدتُ لقد منحتُكَ صفو ودي
ولا لومٌ عليَّ ولا أثامُ
وما قصَّرتُ في التأميلِ كلا
ولا أمسيتَ عن حقي تنامُ
جعلتُكَ قبلة الآمال مني
فهنَّ مُصلياتٌ لاصيام
وكيف تصومُ آمالٌ غِراثٌ
ونائلُك الهنيء لها طعام
طعامٌ لا وخامةَ فيه تُخشى
وفي المعروف أطعمةٌ وِخام
وكنتُ إذا أنختُ إليك عيسى
وآمالي غراثُ أو عِيام
أنختُ بحيث تبيضُّ الأيادي
وتسودُّ المطابخُ والبِرام
خلا أني أهابُكَ لا لسوء
كما تتهَّيبُ البحرَ الهيام
ويملكني حيائي حين تُربي
على شكري دسائِعُك الضِّخام
ألم تر أننا لما التقينا
فغنَّتني صنائعُك الجسام
رأيتُ الشكر قد ضعفت قواه
فشمر للفرار ولا يُلام
وكنتَ الغالب المنصور جندا
إذا لاقى تذمُّمك الذمام
وما تنفك تغلبُ كل شكرٍ
بعُرفٍ ما لعُروته انفصام
وذاك بأن أبيح فليس يُحمى
وليس بأن أعزَّ فما يُرام
وكنتُ إذا نوى المحسانُ ظعنا
عن الحسنى فنيتك المُقام
فإن راثَ اللفاءُ فلا تلمني
فإن تخلُّفي عنك انهزامُ
ووكدُك طرد زَوْرك بالعطايا
كذلك يطردُ الزَوْر الكرامُ
وكم تبعَ المولِّي منك سيبٌ
فلم يُقدرَ له منه انعصامُ
غمامٌ جدَّ في آثارِ سارٍ
أغدَّ سُرى فأدركه الغمام
وهل ينجو من الركبان ناجٍ
وطالبُهُ الغمامُ أو الظلام
شكوتُ نداك لا أن قلَّ لكن
لأن كثرتْ أياديه العظام
وأني قد بعلتُ به فأضحى
كأن مغانمي منه غرام
كما يشكو امرؤ طغيانَ سيلٍ
تساوى الوهدُ فيه والأكام
وما أشكوه منك إلى رحيم
وشكري في ذَراهُ مستضام
وما لمْ تهتضم شكري بطولٍ
فليس ينالني منك اهتضام
ولستَ بمُعتبي من بدء عرفٍ
بغير العود ماسجَعَ الحمام
فعاودْ كيف شئت فلست أشكو
وهل يشكو الندى إلا اللئام
ومامعروفك الممدود عني
بمنقطع إذا انقطع الكلام
خدعتُك وانخداعك لي خليقٌ
على الله الزيادةُ والتمام
وقلتُ كأنني يوم بسيلٍ
لأعلاه وأسفله التطام
ولم أبْرمْ بعرفك غير أني
برمتُ بحملِ شكرك والسلام
وكم أنطقتني بلُهى توالت
وما صمتي وللقول انتظامُ
وكم أسكتَّني بلهى تغالت
وما نُطقي وللبحر التطامُ
وما ينفكُّ يلحمنا ويجري
ندًى لك لا ينهنهه لجامُ
يُبر فنستكينُ وغيرُ نكرٍ
إذا شُبَّ الجلادُ خبا اللِّطام
وما أعطيتَ إلا ارتاشَ حر
وأطرق والحياءُ له كِعام
تسدُّ فُقورنا وتغضُّ منا
فنستعفي هناك ونُستذام
ونلقى منك محتقر الهاهُ
وحول أخسِّها قدرا يُحام
بنًى لاحاتمٌ كان ابتناها
ولا أوسٌ وحارثة ولام
ولكن كسرويٌّ ذو فعالٍ
له بدءٌ وليس له اختتام
فيا عجبي أأستحيي لعجزي
وفيك لأن تسامحني اغتنام
تحب الشكر لا ما كدَّ حرا
بل المجرى يُعاقبه المصام
متى ناقشتَ ذا شكرٍ حسابا
فيدْخلُني من العجز احتشام
ألستَ المرءَ يكرمُ في حياء
كأن صنيعك الحسنَ اجترام
ويكتمُ عُرفهُ فيفوحُ منه
وليس لساطع المسكِ اكتتام
ونبخس شكره فله اغتفارٌ
ونظلمُ ماله فله اظطلام
بلى فسقاكَ ربكَ حيثُ تُسقى
جحاجحةُ المروءِةِ لا الطَّغامُ
فقد يُسقى الرجالُ وهم رسومٌ
وقد يُرعى الرجالُ وهم سوامُ
غدا الساعون خلفك في المعالي
كمثلِ الصفّ يقدمهُ الإمام
وسامني الزمانُ رجالَ مجدٍ
فكنتَ نصيّتي فما أُسام
أهلَّةُ أسعُدٍ ونجومُ يمُن
ولكن بذَّها قمرٌ تمام
ومن يخترك لا يُحمد وأنَّى
وقد هَدى توسُّمه الوسام
وليس وإن عداهُ الحمدُ ممن
يقال لرأيه رأيٌ كهام
وكم متخيرٍ أمرا حميدا
تحلى الحمدُ منه والملام
ولم أك كالتي اختارت فأضحى
من الأسماءِ خيرتُها جُذام
بل اخترتُ الذي الآراءُ طرا
عليه فلا هوًى سرفَ وحام
وحسادٌ سناءَك خاصمونا
وهل في الصبح منبلجا خصام
وقالوا مافضائله فقلنا
هي الحسناتُ مافيهن ذام
وقالوا مافواضله فقلنا
رضاعٌ لا يعاقبه فِطام
صنائعُ في الصنائع سيداتٌ
صنائع من سواه لهن آم
وأفعالٌ يبيت لحاسديه
بها سمرٌ إذ هجعَ النيام
ومعروفٌ له ديوان أصلٍ
وليس عليه من عذلٍ زِمام
فموتوا أيها الحسادُ موتوا
بداءٍ لا يموتُ ولا ينام
ولاتبنوا مقالَ الإفكِ فيه
فليس لما بنى اللَّهُ انهدامُ
منحتُك من حُلى الشعرِ عقدا
غدا لك دُرُّةُ ولي النظام
وقد قصَّرتُ لا عمدا ولكن
بُهرتُ وعزَّني ملك همام
وما قصَّرتُ قبلكَ في جزاءٍ
ولكنَّ المسامي ليشمام
وكل مطاولٍ لك فهو خافٍ
خفاء الحرف لابسه ادّغام
وبعدُ فليس في ملكي عناقٌ
وكيف بها وما عندي شبام
وما يُخشى على جملي قُلافٌ
ولا يخشى على فرسي صِدام
هما نعلانِ جلهما انخراقٌ
إلى خُفين جُلهما انخرام
وقد هجم الشتاء وكم لئيمٍ
عليه الخز والوبر اللوام
وما لاقى امرؤ لاقاك قوما
فقالوا ما وراءك يا عصام
كفاه مسائليه بيانُ نعمى
تكلم كلما عُدمَ الكلام
وكم أغريت بالمرحوم منا
أخا حسد لمرجلهِ اهتزام
فعش للمكرماتِ فليس يُخشى
عليها ما بقيت لها احتزام
أضحى وزيراً أبو يَعْلى وحُقَّ له
بعد المشارطِ والمقراضِ والجلم
قد قال قومٌ وغاظتهم كتابتُه
لو شئت ياربِّ ما علَّمتَ بالقلمِ
ن