قل للذي اعتبر الوجود مثالا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

قل للذي اعتبر الوجودَ مِثالاً

​قل للذي اعتبر الوجودَ مِثالاً​ المؤلف محيي الدين بن عربي


قل للذي اعتبر الوجودَ مِثالاً
هل نال منه العارفون مَنالا
لا والذي خضعَ الوجودُ لعزهِ
ما زادهم إلا عمىً وضلالا
فإذا عجزتَ عن المنالِ علمتهَ
بالعجزِ ليسَ بما اعتبرتْ مثالا
قدْ حازَ منْ جعلَ المثالَ دليله
للعلمِ باللهِ العظيمِ خبالا
فيراه تاجاً في الرؤوس مكللاً
ويراهُ في رجلِ الرجالِ نعالا
ورأيته عند اللجينِ مخلصاً
للناظرين وفي النضار ذُبالا
لا تقطعنَّ بما ترى منْ صورةٍ
فالشمسُ وقتاً قد تكون هلالا
ما سمى البدرُ المنير هلاله
إلا إذا كبرته إهلالا
حلاكَ تعظيمُ التشهدِ ذاتهُ
من خلقِه سبحانه وتعالى
وتحوزُ منهُ مكانةً علويةً
بعلومها ومراتباً وكمالا
دارتْ رحى الألبابِ في طلبِ الذي
ما زالَ في أرحى العقولِ ثفالا
فيرى مطيهمُ لذاك من الوجى
تشكو عياءً عنده وكلالا
في مهمه قطع السُّرى أنياطها
قطعاً وزادهم العِيان مضلالا
فإذا ظفرتَ بهِ فلستَ بظافرٍ
وتقولُ فيما تدعيهِ محالا
منْ يدعي علمَ الصفاتِ فإنهُ
لا يعرفُ الإدبار والإقبالا
من يدعي التصريفَ في أحكامِهِ
قدْ ظنَّ ظناً أنَّ فيهِ محالا
هيهاتَ كيفَ ومنْ يكيفُ ذاتهُ
فهوَ الذي يعتالُ أينَ اغتالا
لمَّا رأيتُ وجودهُ منْ خلقهِ
نوراً وأنصبه الكيانُ ظِلالا
أيقنتُ أنَّ الأمرَ فيهِ تحيرٌ
عند اللبيبِ يهيج البَلبَالا
ويقولُ أهلُ الكشفِ فيهِ بأنهُ
تفصيلهُ لا يقبلُ الإجمالا
ولذاكَ أنزلهم وهم في ملكهِ
دون الملوك أئمة أقيالا
يدعونَ في لحنِ الشريعةِ والهدى
بالوراثينَ الكلَّ الأرسالا
فهمُ بأرجاءِ الوجودِ مذانب
وجعافرٌ قدْ أرسلوا إرسالا
ولوْ إنهمْ في كلِّ علمٍ جامعٍ
قد جرروا عجباً به أذيالا
اللهُ كرمهمْ بعلمِ وجودِهِ
وسقاهمُ كاسَ العلومِ زُلالا