قالوا عساك مرجم فتبين

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

قالوا عساك مرجَّمٌ فتبيَّنِ

​قالوا عساك مرجَّمٌ فتبيَّنِ​ المؤلف مهيار الديلمي


قالوا عساك مرجَّمٌ فتبيَّنِ
هيهات ليس بناظري إن غرَّني
هي تلك دارهمُ وذلك ماؤهم
فاحبس وردْ وشرقتَ إن لم تسقني
ولقد أكاد أضلُّ لولا عنبرٌ
في الترب من أرج الحبائب دلَّني
فتقوا به أنفاسهن لطائما
وظعنَّ وهي مع الثرى لم تظعنِ
يا منزلا لعبت به أيدي الصَّبا
لعبَ الشكوك وقد بدت بتيقُّني
إمَّا تناشدني العهودَ فإنها
حفظت فكانت بئس ذخرُ المقتني
سكنتكَ بعدهم الوحوش تشبّها
بهمُ وليتك آنفا لم تسكنِ
لعيونهنّ علامةٌ سحريّةٌ
عندي فما بال الظباءِ تغشُّني
أزمانَ أنفق من شبابي مسرفا
والعيش أعمى عن صروف الأزمنِ
ندمانَ كلِّ فصيحةِ التأنيث لو
خطبتْ لتنعتَ حسنها لم تحسنِ
تمشى قناةً ثم يذكر قدّها
أن التثني للقضيب فينثني
لله ما تلك الغصون لو أنها
غرَ الخديعة أثمرت للمجتنى
نفض الصِّبا أو راقه وأعادني
خوطَ اليراعة كيف يعجم ينحني
إني لأعلم قبل فضِّى ختمه
ما في كتابٍ بالمشيب معنونِ
مالي عن الدنيا حلمتُ ومكرها
أنَّى التفتُّ مطالعي من مكمنِ
أبدا رقاها تستثير تذلُّلي
فكأنها ملسوعةٌ بتصوّني
حتى لأنساني الدجى ما لونُها
أو كاد ريبُ زماني المتلوّنِ
قالوا متاجرهُ رهينُ خسارةٍ
إن صافقتْ يده يدي فليغبنِ
حاشى طلابي أن أعمَّ به وقد
خصّ السماحُ بموضعٍ متعيِّنِ
يا حظُّ قم فاهتف بناحيةِ الغنى
فيالرَّى وارحم كدَّ من لم يفطنِ
وأعن على إدراكها فبمثلها
فرّقتُ بين موفَّق ومحيَّنِ
لمن الخليط مشرِّقٌ ومضمانهُ
رزقٌ لنا في غيره لم يؤذنِ
اشتقتُ يا سفنَ الفلاة فأبلغي
وطربتُ يا حادي الركابِ فغنِّني
وانهضْ فرحِّلْ يا غلامُ مذلِّللا
تتوعَّر البيداءُ منه بمدمنِ
يرضى بشمّ العشب إما فاته
والسير يأكل منه أكلَ الممعنِ
مرح الزمامِ يكاد يصعبُ ظهره
فتصيح فاغرة الرحال بهلنِ
الرزقُ والإنصافُ قد فقدا فلذْ
بالريّ واستخرجهما من معدنِ
وإلى أبي العباس حافظِ ملكها
سهلَ الأشدُّ ولان خبثُ الأخشنِ
يا موحدا عدم النظيرَ كنايةً
إني متى أذكرك باسمكِ أجبنِ
لا ينسينْ ملكٌ ضمنتَ بقاءه
بالأمس غمدك منه سيفَ المقتني
كانت جحيما وهي تحسبُ جمرةً
حتى غضبتَ فقال موقدها اسكني
جاءوك جمعَ الصوت حولَ مرجم
لم تخترق سمعيه زجرةُ أيمنِ
عدَّ الكثيرَ ولم يطرْ بحسابه
ما بين موثوقٍ به ومخوَّنِ
وأطاع رأيا جاهلياً لو رأى
آياتِ غيرك حجّةً لم يوقنِ
حتى طلعتَ فكنتَ شمسا مزَّقتْ
بيد الشَّمال ضبابَ يومٍ مدجن
نحلوكَ سابقةً بصهوة مثلها
طاف الأمانُ بمعقل المتحصّنِ
بهماءَ إلا نقطةٌ فكأنما
نبلتْ بسهمٍ في الجبين مقطَّنِ
عوّدتها خوضَ الدماء فإن تدسْ
يبسَ الترابِ ولم تقم بك تصفنِ
لما رأوك تفرّقت أرواحهم
فكأنما عرفتك قبلَ الأعينِ
ألقِ السلاحَ فقد غنيت سعادةً
عن حمله واضربْ بجدِّك واطعنِ
فإذا هممتَ بأن تفلَّ كتيبةً
لا قيتها فتسمَّ فيها واكتنِ
وقفَ الجمالُ عليك كلَّ فضيلةٍ
قادت لك الأهواءَ قيدَ الأرسنِ
وعددتَ وحدك سيِّدا فمتى تزدْ
في اللفظ تثنيةً له لا ينثني
لا ينكرنَّ حسودُ ملكك ما رأى
فاللهُ أعلمُ ما اجتبى وبمن عني
صلَّت عليك وقد ذُكرتَ مدائحي
والناسُ بين مذمَّمٍ وملعَّنِ
اقرأ على بعد المسافة بيننا
ولو استطعتُ القربَ قلتُ لك ائذنِ
قولاً يقرُّ الحقَّ منه مقرّه
ويردّه ما لم يكن بمبرهنِ
مما أبثُّك أننا في أرضنا
لا يُذكرُ الإحسانُ غيرَ مؤبَّنِ
في معشرٍ إن جاد قولةَ مظهرٍ
منهم فتىً لامته نيّةُ مبطنِ
خشنتْ جعادُ أكفِّهم فكأنما
في اللؤم صيغت من طباع الأزمنِ
لم يبق غيرك من يقالُ مؤمَّلٌ
أو يتبعُ الداعي له بمؤمِّنِ
كرمٌ شملتَ به وعدلُ سحابةٍ
سوَّى الأجمَّ بنانها بالأقرنِ
أشكو ظماى وليس غيرك ساقيا
فامدد يديك على البعادِ فروّني
واسمع فإن عزبتْ فلم تسمع لها
أختاً لها في مادحيك عرفتني
هي قِبلةٌ صلَّى القريضُ لها فمن
لم يعنُ منه لها فليس بمؤمنِ
لولا ثناؤك ما امتننت بوصلها
والمرءُ يقدحُ في صفاة المحسنِ
ثمِّنْ بها الأرباحَ فهي بضاعةٌ
ما زلتُ أذخرها لعلقٍ مثمنِ
كان الزمانُ لأن أشافه ضامنا
فأعاضَ منه بأخرسٍ متضمّنِ
ولئن أعنتُ لأتلونهُ مصليِّا
ولأطلعنَّ عليك إن أنهضتني
ما بالأديب إذا تغرَّبَ ذلَّةٌ
إن الخصاصةَ غربةٌ في الموطنِ
قعد الغنى عنّى فقم بي مرغما
أنف الزمان وأغنني تتملَّني
وإن اجتديتُ سواك بعدُ فجازني ال
حرمانَ إنّ القتلَ حدُّ المحصَنِ
عاقت خواطري الهمومُ وخالفتْ
نوبٌ على الفكر الغزيرِ عصينني
فلو اتبعتُ لغير مدحك لفظةً
عنها أقرِّر خاطري لم يُذعنِ
قبضَ الجلوسُ يديّ عن أمنيَّتي
إن الظُّبا مأسورةٌ في الأجفنِ
وإذا قلوبٌ قارعت أحزانها
ظهر الفلولُ على غروب الألسنِ
ما فات حظّي أنّ مثلي ممكنٌ
لكن كثرتُ على الزمان فملّني
يا من رآني قبلَ أحمدَ سائلا
قوماً يقول جوادهم لي عدَّني
كبر الرجاءُ اليومَ عن أقدارهم
فطغى وأبزلَ بعدك الأملُ الثَّني