عيون الأنباء في طبقات الأطباء/الباب الرابع/طبقات الأطباء اليونانيين الذين أذاع أبقراط فيهم صناعة الطب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: طبقات الأطباء اليونانيين الذين أذاع أبقراط فيهم صناعة الطب


أبقراط

ولنبتدئ أولًا بذكر شيء من أخبار أبقراط على حيالها وما كان عليه من التأييد الإلهي، ونذكر بعد ذلك جملًا من أمر الأطباء اليونانيين الذين أذاع أبقراط فيهم هذه الصناعة، وإن لم يكونوا من نسل أسقليبيوس فنقول أن أبقراط، على ما تقدم ذكره، وهو السابع من الأطباء الكبار المذكورين الذين أسقليبيوس أولهم، وأبقراط هو من أشرف أهل بيته وأعلاهم نسباً، وذلك على ما وجدته في بعض المواضع المنقولة من اليوناني، أنه أبقراط بن أيراقليدس بن أبقراط بن غنوسيديقوس بن نبروس بن سوسطراطس بن ثاوذروس بن قلاوموطاداس بن قريساميس الملك، فهو بالطبع الشريف الفاضل نسبًا لأنه التاسع من قريساميس الملك والثامن عشر من أسقليبيوس والعشرون من زاوس، وأمه فركسيثا بنت فيناريطي من بيت أيراقليس، فهو من جنسين فاضلين لأن أباه من آل أسقليبيوس وأمه من آل أيراقليس، وتعلم صناعة الطب من أبيه أيراقليدس ومن جده أبقراط، وهما أسرا إليه أصول صناعة الطب، وكانت مدة حياة أبقراط خمسًا وتسعين سنة منها صبي ومتعلم ست عشرة سنة، وعالم معلم تسعًا وسبعين سنة، وكان منذ وقت وفاة أسقليبيوس الثاني وإلى ظهور أبقراط سنتين، ولما نظر أبقراط في صناعة الطب وخاف عليها أن تنقرض عندما رأى أنها قد بادت من أكثر المواضع التي كان أسقليبيوس الأول أسس فيها التعليم، وذلك أن المواضع التي يتعلم فيها صناعة الطب كانت على ما ذكره جالينوس في تفسيره لكتاب الإيمان لأبقراط ثلاثة أحدها بمدينة رودس، والثاني بمدينة قنيدس، والثالث بمدينة قو، فأما التعليم الذي كان بمدينة رودس فإنه باد بسرعة لأنه لم يكن لأربابه وارث، وأما الذي كان منه بمدينة قنيسدس فطفئ لأن الوارثين له كانوا نفرًا يسيراً، وأما الذي كان منه بمدينة قو، وهي التي كان يسكنها أبقراط، فثبت وبقي منه بقايا يسيرة لقلة الوارثين له، فلما نظر أبقراط في صناعة الطب ووجدها قد كادت أن تبيد لقلة الأبناء المتوارثين لها من آل أسقليبيوس، رأى أن يذيعها في جميع الأرض، وينقلها إلى سائر الناس، ويعلمها المستحقين لها حتى لا تبيد، وقال أن الجود بالخير يجب أن يكون على كل أحد يستحقه قريبًا كان أو بعيداَ، واتخذ الغرباء وعلمهم هذه الصناعة الجليلة، وعهد إليهم العهد الذي كتبه، وأحلفهم بالأيمان المذكورة فيه أن لا يخالفوا ما شرطه عليهم، وأن لا يعلمواهذا العلم أحدًا إلا بعد أخذ هذا العهد عليه، وقال أبو الحسن علي بن رضوان كانت صناعة الطب قبل أبقراط كنزًا وذخيرة يكنزها الآباء ويدّخرونها للأبناء، وكانت في أهل بيت واحد منسوب إلى أسقليبيوس، وهذا الاسم، أعني أسقليبيوس، إما أن يكون اسمًا لملَك بعثه اللَّه فعلّم الناس الطب، وأما أن يكون قوة للَّه عز وجل علمت الناس الطب، وكيف صرفت الحال فهو أول من علم صناعة الطب، ونسب المتعلم الأول إليه على عادة القدماء في تسمية المعلم أبًا للمتعلم، وتناسل من المتعلم الأول أهل هذا البيت المنسوبون إلى أسقليبيوس، وكان ملوك اليونانيين والعظماء منهم، ولم يكونوا يمكنوا غيرهم من تعليم صناعة الطب، بل كانت الصناعة فيهم خاصة يعلم الرجل منهم ولده أو ولد ولده فقط، وكان تعليمهم بالمخاطبة، ولم يكونوا يدونوها في الكتب، وما احتاجوا إلى تدوينه في الكتب دونوه بلغز حتى لا يفهمه أحد سواهم، فيفسر ذلك اللغز الأبُ للابن، وكان الطب في الملوك والزهاد فقط يقصدون به الإحسان إلى الناس من غير أجرة ولا شرط. ولم يزل كذلك إلى أن نشأ أبقراط من أهل قو، ودمقراط من أهل أبديراً، وكانا متعاصرين، فأما دمقراط فتزهد وترك تدبير مدينته، وأما أبقراط فرأى أهل بيته قد اختلفوا في صناعة الطب، وتخوف أن يكون ذلك سببًا لفساد الطب، فعمد على أن دونه بإغماض في الكتب، وكان له ولدان فاضلان وهما ثاسلس وذراقن وتلميذ فاضل وهو فولوبس، فعلمهم هذه الصناعة وشعر أنها قد تخرج عن أهل أسقليبيوس إلى غيرهم، فوضع عهدًا استحلف فيه المتعلم لها على أن يكون لازمًا للطهارة والفضيلة، ثم وضع ناموسًا عرَّف فيه من الذي ينبغي له أن يتعلم صناعة الطب، ثم وضع وصية عرَّف فيها جميع ما يحتاج إليه الطبيب في نفسه، أقول وهذه نسخة العهد الذي وضعه أبقراط.

عيون الأنباء في طبقات الأطباء - الباب الرابع
طبقات الأطباء اليونانيين الذين أذاع أبقراط فيهم صناعة الطب | قسم أبقراط | بندقليس | فيثاغورس | سقراط | أفلاطون (مواعظ أفلاطون * كتب أفلاطون) | أرسطوطاليس (وصية أرسطوطاليس * مقالة أرسطوطاليس * آداب أرسطوطاليس * كتب أرسطوطاليس) | ثاوفرسطس | الاسكندر الأفروديسي الدمشقي