عيون الأنباء في طبقات الأطباء/الباب الأول/كيفية وجود صناعة الطب وأول حدوثها/القسم الرابع

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: كيفية وجود صناعة الطب وأول حدوثها - القسم الرابع


أن يكون قد حصل شيء منها أيضًا بما شاهده الناس من الحيوانات واقتدى بأفعالها وتشبه بها، وذلك مثل ما ذكره الرازي في كتاب (الخواص) أن الخطاف إذا وقع بفراخه اليرقان، مضى فجاء بحجر اليرقان، وهو حجر أبيض صغير يعرفه، فجعله في عشه فيبرأوا، وأن الإنسان إذا أراد ذلك الحجر طلى فراخه بالزعفران، فيظن أنه قد أصابهم اليرقان، فيمضي فيجيء به فيؤخذ ذلك الحجر ويعلق على من به اليرقان، فينتفع به، وكذلك أيضًا شأن العقاب الأنثى، أنه إذا تعسر عليها بيضها وخروجه، وصعب حتى تبلغ الموت، ورأى ذكرها ذلك طار وأحضر حجرًا يعرف بالقلقل، لأنه إذا حرك تقلقل في داخله، فإذا كسر لم يوجد فيه شيء، وكل قطعة منه إذا حركت تقلقلت مثل صحيحه، وأكثر الناس تعرفه بحجر العقاب، ويضعه فيسهل على الأنثى بيضها، والناس يستعملونه في عسر الولادة على ما استنبطوه من العقاب، ومثل ذلك أيضًا أن الحيات إذا أظلمت أعينهن لكمونهن في الشتاء في ظلمة بطن الأرض، وخرجن من مكامنهن في وقت ما يدفأ الوقت طلبن نبات الرازيانج، وأمررن عيونهن عليه فيصلح ما بها، فلما رأى الناس ذلك وجربوه، وجدوا من خاصيته إذهاب ظلمة البصر إذا اكتحل بمائه، وذكر جالينوس في كتابه في الحقن عن أرودوطس، إن طائرًا يدعي أيبس هو الذي دل على علم الحقن، وزعم أن هذا الطير كثير الاغتذاء لا يترك شيئًا من اللحوم إلا أكله، فيحتبس بطنه لاجتماع الأخلاط الرديئة وكثرتها فيه، فإذا اشتد ذلك عليه توجه إلى البحر، فأخذ بمنقاره من ماء البحر ثم أدخله في دبره، فيخرج بذلك الماء الأخلاط المحتقنة في بطنه، ثم يعود إلى طعامه الذي عادته الاغتذاء به.

عيون الأنباء في طبقات الأطباء - الباب الأول
كيفية وجود صناعة الطب وأول حدوثها | كيفية وجود صناعة الطب وأول حدوثها:القسم الأول | كيفية وجود صناعة الطب وأول حدوثها:القسم الثاني | كيفية وجود صناعة الطب وأول حدوثها:القسم الثالث | كيفية وجود صناعة الطب وأول حدوثها:القسم الرابع | كيفية وجود صناعة الطب وأول حدوثها:القسم الخامس