علم الملاحة في علم الفلاحة/الباب الثالث

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​علم الملاحة في علم الفلاحة​ المؤلف عبد الغني النابلسي
الباب الثالث - غرس الأشجار والرياحين والأزهار



الباب الثالث

غرس الأشجار والرياحين والأزهار


اعلم أنه يختار للبساتين أطيب الأرض بقعة، وأعذبها ماء وهي المستوية فإن لم تكن مستوية سويت ولكن قبل الغرس، لئلا تنكشف بعض أصول الأشجار. ويُستقبل بالبساتين المشرق إن أمكن، وتغرس الأشجار سطورا مستقيمة، ولا تغرس الأشجار التي لا تعظم مع التي تعظم ولا التي تتعرى أوراقها مع التي لا تتعرى، فهو أجمل. وتغرس التي لا تتعرى بقرب الباب والماء، كالأرتج والنارنج والسرو والليمون والآس. ويغرس السرو في أركان الترابيع. وكذا الحور وفي الزوايا ويجعل الشجر الشائك الكثير الظل كالصفصاف والحور الفارسي والميس والجوز والجميز مع حائط البستان من جهة الغرب والشمال. ويغرس كل نوع على حدة. وكذا ما ثمرته في وقت واحد، كالمشمش والتفاح الصيفي. ويغرس الورد على المجاري التي يسقى بها أو في ناحية. ولا يغرس الأرتج إلا في موضع مستور عن الريح الشمالي والغربي مكشوفا للريح القبلي. وينبغي ان لا يغرس غرس ولا يقلع ولا يركب تركيب في يوم ريح شديدة، ولا سيما الأيام الباردة. وكذا في الأيام الشديدة البرد وفي الريح الشمالية أو عند الهبوب لأن ما يغرس في هذه الحالة أو يزرع يكاد أن لا يثمر، ولا سيما الزيتون. وإذا قلعت الغرسات لتغرس في محل آخر وهبت الريح الباردة تدفن في التراب البري. ولا تترك في الماء إلا يوما أو يومين إلا إن طال زمنها في التراب فتنقع في الماء قليلا ثم تغرس. ولا يغرس غرس يوم الجمعة ولا يوم الأحد، فقد جربت كراهية ذلك. ويختار ابتداء الشهور وزيادة القمرن فإن الزرع في زيادة القمر يظهر النمو في الزروع واليقول والقثاء والخيار والقرع والبطيخ والباذنجان، وفي الرياحين. والفواكه يعظم ثمرها وتمتد أغصانها، وينقص ذلك في نقصان القمر، ولا ينجب زرع أبدا في نقص القمر.

وإذا كان القمر في البروج المائية والهوائية فهو أجود، ويحسن في أيام نقصان القمر قطع الأخشاب، فإنه إذا قطع الخشب في محاق الشهر لا يسوّس. وكذا يحمد فيه كسح الشوك والدغل من الأراضي. ويحمد فيه القطاف خفية الرطوبة الحادثة في زيادة القمر. والبعد بين الشجار مختلف، والقرب بينهما له آفتان: أحدهما، تقارب الفروع وتزاحمها، فيمنع الشمس من الوصول إلى المتداخل منها، وربما تكاثفت فيمنع وصولها إلى خارج الأغصان، فيقل الحمل. والثانية، تزاحم بعضها بعضا في عروقها بالأرض، فيقل وصول الغذاء المنجذب من الأرض إليها، لذلك ارتؤي التوسيع بينها. ويوسع بين الزيتون والتين والجوز مسافة خمسة وعشرين ذراعا أو خمسة عشر ذراعا على الأقل. والكرم واللوز والقراصيا عشرة إلى خمسة عشر ذراعا. والكمثري والتوت والمشمش من خمسة عشر إلى عشرين ذراعا. والتفاح والرمان دون ذلك، والأجاص أقل منهما، والأترج مثله وأكثر منه والسفرجل نحوه، والنخل من خمسة إلى سبعة أذرع، والآس مثله.

وأوقات الغرس تختلف باختلاف الأحوال والمكان، فإن كان البلد قليل الماء، فالأولى أن يكون الغرس في الخرفي ليلحق الأغراس رطوبة الأمطار خرفي وشتاء وربيعا. وقد تغرس بعد انفصال شدة البرد ودنو الأغصان من الفتح. والبلاد الباردة ينبغي أن يكون الغرس فيها بعد كسر الشتاء وقرب الأغصان من الفتح. وإن شئت غرست في الخرفي لقوة العروق في هذا الفصل، وتفضل جماعة من أهل الفلاحة القطاف إذا سقط الورق عن قضبان الكرم، ومنهم من يغرس في أول الربيع في سبعة أيام من شباط، والأجود أن تغرس المواضع المرتفعة اليابسة الضعيفة بعد القطاف، وأن تغرس المواضع الندية في آخر الأوقات. والأرض المالحة تغرس بعد القطاف. وقيل ينبغي أن تغرس البلاد الحارة في الخرفي، ويبدأ من نصف تشرين إلى أول كانون الأول، ثم يجتنب إلى سبعة أيام من شباط فيبدأ الغرس.

والبلاد الشتوية، ولا سيما الجبلية، ينبغي أن يكون الغرس فيها في آخر الربيع على ان يؤخذ في الغرس من الساعة الثالثة من النهار إلى العاشرة وتكون الأرض لا رطبة جدا ولا يابسة. والكروم في سائر البلاد شرقا وغربا، تغرس في الربيع، وقيل الأشجار الصلبة، كالزيتون والفستق والبلوط والدردار وأشباهها تغرس في الشتاء. والمتوسطة، كالتفاح والسفرجل والخوخ والمشمش والتين والعنب ونحوها، ففي الربيع بعد تفتحها. ولا يغرس شجر بعد ظهور ورقه إلا الرمان خاصة. وقيل الأجاص والتين لا يضرهما ذلك. ولا يغرس شيء من الأشجار البعل بعد الاستواء الربيعي. وهلاك الأشجار سقيها في الصفي. وأجود الغرس ما ينقل بعد أن ينزع باليد ما ينبت في أصول الأغراس وما حولها وهي طرية قبل أن يشتد لئلا تمتص قوتها وما تعوّج من الغروس يقوّم بالدعائم حتى يشتد ويستقيم. وتغرس الأشجار: أما من نوى فيما له نوى، أو من حب الثمر الذي لا نوى له، أو من أغصان تملخ ملخا وتقطع من الجهة التي تصلح، أو من أوتاد تعمل من أسفل صالحة، أو من أغصان نابتة في أصول بعض الشجر بقربها. فالذي من النوى يختار له النوى الجديد السليم من الآفة من ثمر نضج على شجرة قد عرفت بكثرة الحمل وطيب الطعم. ويغرس النوى في الأحواض أو أوعية الخزف الكبار الجديدة بعد أن يكون ترابها قد عولج بالزبل القديم وبالماء. ثم يوضع فيها النوى صفوفا في حفر عمقا ثلثا شبر أو أقل بحسب قوة النوى أ ضعفه ويغطى بالتراب. ويكون بين كل نواة وأخرى مقدار ذراع، ولا تترك أرضه دون سقي حتى ينبت ويصير قدره شبر. والذي يغرس من حبوب الأشجار التي لا نوى لها كالسفرجل والتفاح والكمثري والأترج والليمون والسرو والعنب وحب التين والتوت وما أشبه ذلك يوضع في إناء من فخار مثقوب الأسفل فيه تراب مأخوذ من وجه الأرض الصالحة لهذه الأنواع بعد أن يكون خلط بزبل قديم سليم ويسقى بالماء على حصير وشبهه لئلا يجرف الماء الحب، وإن أكن الرش باليد فهو أحسن، ولا يترك في الأواني أكثر من عام ثم ينقل ويُدَرّك ما يتخذ من الحب بعد أربعة أعوام أما ما أصله من القوي فبعد ستة أعوام. والذي يغرس من أغصان تملخ ملخا هو الآس والقراصيا والبندق والزعرور، وبعضهم يميل هذه الفروع وهي ملصقة ويطمرها في التراب حتى يصير لها أصول ثم ينقلها. والأغصان الصالحة للملخ تؤخذ من أشجار مزروعة في جهة الشرق أو الجنوب، وأما ما كان من جهة الشمال فلا خير فيه على ألا يتجاوز عمر الأغصان السنتين وأحسنها ما أخذ من وسط الشجر من جزئها الأعلى. ولا خير في أغصان أشجار الظل السبطة حتى لو نمت سريعا فإنها قليلة الحمل وتؤخذ الأغصان بعد طلوع الشمس عليها وتملخ باليد بلحاها ولا تقطع بحديدة حادة قاطعة، ويكون طول الملخ ذراعين فأكثر، ويحفر لها في الأرض قدر شبرين إن كانت مما ينقل، وأكثر من ذلك لما لا ينقل. ويكون الحفر على قدر الملخ، ثم يمدد مبسوطا ويجعل طرفه في كعب الحفرة ويتحرك أعلاه على وجه الأرض بطول اصبع، ويخلط تراب وجه الأرض بزبل قديم سليم ويذر عليه أقل من ملء الحفرة ثم يداس بالأقدام ويسوى، وقد تغرس الملوخ على السواقي.

وغرس الأوتاد يؤخذ لسنتين أو ثلاث، والوتد القصير يسرع نباته ونموه والوتد الكبير لا يدفع دفعا ويكون طوله نحو ذراع أو أكثر وغلظه غلظ الذراع أو يد القدوم وغلظ الرمح. ويكون في التوت والأترج والسفرجل والزيتون والجوز والنارنج، ويغرس على السواقي. وطريقته أن يعمل أولا وتد من عود بلوط أو خشب صلب، ويضرب في الموضع الذي يراد الغرس فيه، ويكون أطول قليلا وأغلظ، حتى يغيب منه في الأرض القدر الذي يراد حفره ثم يخرج وينزل في موضعه الوتد الذي يراد غرسه، ويضرب قليلا، ويجعل حواليه تراب مزبل أو زبل قديم حتى يمتلئ الفراغ إن كان هناك فراغ، ويسقى بالماء، وبعد حين ينقل ويغرس في مكان آخر فيجود. ومما يغرس أوتادا الفرصاد والكمثري والرمان، والغرس من الأغصان النابتة في أصول بعض الشجر أو بقربها والأحسن أن يقلع بعروقه إن أمكن ويغرس.

واعلم أنه يمكن تكثير الأشجار من شجرة واحدة في مدة قصيرة، وذلك بأن يؤخذ أواني من الفخار، كالقدور الواسعة الأفواه فيوضع غصن واحد بعد أن يثقب من أسفله بقدر ما يدخل الغصن إن كان من الياسمين أو الأترج أو الكمثرى أو الكرم أو غير ذلك ويسحب فم الإناء ثم ينزل فيه إلى منبته على أن يهيأ تحته ما يحمله إن لم تطق الشجرة حمله. ويضيق الثقب الذي فيه الغصن بالجص والتراب لئلا يخرج منه الماء والتراب، ثم يجعل في ذلك الإناء تراب طيب مخلوط بزبل قديم ويملأه كله حتى يبقى ما يتسع لري الغصن بالماء ثم يكبس التراب باليد ثم يترك حتى يجف ثم يتوالى سقيه مدة طويلة حتى تنبت له عروق في الإناء، بعد عام أو أكثر يقطع الغصن من تحت الإناء برفق لئلا يتخلخل التراب الذي فيه ثم فيصل وينقل بظرفه إلى حفرة غرسه ويكسر الظرف الفخار برفق وينزل مع ترابه في حفرته، ثم يسقى بالماء فور غرسه. وبهذه الطريقة يمكن للشجرة الواحدة أن تصبح شجرات كثيرة أما سقيه فمرتان في الأسبوع في غير الحر ويمسك السقي عند نزول المطر الجود فإذا انحبس المطر سقيت الأغراس مدة الشتاء مرة كل خمسة عشر يوما ثم كل ثمانية أيام على أن يزال ما ينبت حولها من العشب.

وغرس الأوتاد منكسة لا يضر، وكذلك جميع الأشجار. ويعمق الحفر للهواء والغذاء، والأجود في حفر أغراس الزيتون أن تكون أوسع وأعمق وهي تحفر قبل غرسه بعام. ويعمق الحفر في البلاد الحارة أربعة أقدام، وفي البلاد الباردة - بلاد الثلج - ثلاثة أقدام. ولا يقل معدل عمق الحفرة عن ذراع ونصف، ويزرع في كل حفرة من النوى والملوخ والقضبان اثنان، ومن الأوتاد ثلاثة فأكثر. وإذا ثقل الشجر الكبير عمق له وبقي في موضعه. أما البعل فلا بأس من نقله من حيث يسقى. وشجرة الزيتون إذا كانت ذات أغصان تقطع أغصانها بحديد قاطع وتغرس، فإن غرست بأغصانها نخرت وفسدت. والشجر الكبير مطلقا يجعل عند أصله جرتان من فخار جديد مملوءتان بماء عذب في أسفل كل جرة ثقب لطفي يجري منه الماء إلى أصل الشجرة جريا لطيفا دائما، وكلما نقص شيء مليء يدوم ذلك شهرين فربما أطعمت تلك الشجرة من عامها. وتنقل الشجرة بعروقها كلها إن أمكن - ولا سيما ذوات الصموغ منها بخلاف ذوات المياه - إلا أن قطع بعض عروقها لا يضرها. وذوات المياه أسرع تعلقا بالأرض وأكثر عطاء.

وكذا الملوخ والأوتاد والزيتون تغرس بعروق وبغير عروق وتغرس الأوتاد مبسوطة أو منكوسة أو مستقيمة، وتوضع معها حجارة وتداس ويدخل منها في الأرض ثلاثة أرباعها ويترك الربع فوق الأرض، ويلطخ موضع القطع بطين قد عجن بتبن. ويغرس نوى الزيتون في تشرين الأول، ويطعم بعد أربعة أعوام، ولا يتولى ذلك إلا رجل طاهر عفيف متنزه عن الفحشاء والفجور، فيكثر وينمو، ولا تقرب شجرة الزيتون امرأة حائض ولا جنب ولا عقيم، ولا سيما عند غراسها. ولا يضر الزيتون عدم السقي، ولا ينفض الزيتون ولا يضرب بالعصا وإلا تكسرت أغصانه الصغار وعيونه وإذا نفض فإنه لا يحمل في العام الثاني بانتظار أن ينشأ له عيون جديدة. وشجرة الغار تغرس قضبانها النابتة في أصولها وتقع بعروقها كلها، وإلا لم تثمر ويزرع حبه في الخرفي، وهي لا تحتمل الزبل فإن يهلكها. ويركب في شجرة الزيتون والبان والبطم ونحوها من ذوات الأدهان. وقيل يركب فيه السفرجل والتفاح، ومن خواصه العجيبة، هروب ذوات السموم من الموضع الذي يكون فيه، إلا الحيَّات. وإن دخن به على النار حتى يمتلئ الموضع بدخانه، جاءت الحيات إليه سراعا.

وشجر الآس ينبت في جميع أنواع الأرض إلا الشديدة الملوحة، وله صبر على العطش عجيب. وتوافقه الأرض الرملية، ويغرس أوتادا وملوخا أو مما يماثله أو من بزره الأسود. والآس يتبرك به في المنازل. ومن خواصه أن حبه إذا زرع في الأرض المرة امتص مرارتها أما عروقه وأصوله فإنها تفسد وتجعلها مرة ويصنع من حب الآس خبز فيؤخذ بعد نضجه واسوداده ويجفف في الشمس جدا ثم يدق، ثم يجفف المدقوق في الشمس يوما، ثم يطحن بالرحى، ثم يخبز فيكون خبزا طيبا، وينبغي أولا أن يسلق قليلا قبل تجففيه، ثم يغير ماؤه بماء عذب ويسلق به مدة طويلة، ثم يرفع ويجفف في الشمس، ثم يطحن ويخبز بخمير حنطة في الفرن أو على طبق وهو أجود ويغذي الجسم إذا أكل مع الأدهان واللحوم والسمن والحلاوة بالنشا. ولكن اللجوء إليه لا يكون إلا في أيام القحط والعياذ بالله تعالى. وشمّ الآس يحدث الأرق ويصلحه البنفسج.

والخروب أنواع، فمنه الخيار شنبر، ويغرس نواه في تراب جبلي مخلوط برمل وزبل قديم أثلاثا، ويسقى بالماء، وينقل بعد عامين في كانون الأول وشباط. ويغرس على عمق نحو أربعة أشبار وملوخه تفرخ كما أن البق لا يقرب عود شجر الخروب. والفستق يزرع ثمره غير مقشور كالفاكهة اليابسة، وبعضهم يضع الفستقة الكبيرة في صوفة منفوشة رقيقة حماية لها من الهوام، ويجعل شقها إلى أعلى، والتراب الأحمر الجبلي يوافق الفستق وطعمه الذي يزرع في المواضع اليابسة أطيب. إلا أن الأرض الرملية له أفضل، وهو يشبه البندق من حيث نباته في الجبال ودخول عروقه في الحجارة. ويغرس حبا أو عروقا مع أصولها، وغرسه عروقا أحسن من زرعه حبا. وكذلك ذوات القشور كلها لئلا تبطئ، وزرعه كاللوز والجوز متأخر من أول آذار إلى أول نيسان. ويتخذ الفستق أوتادا ويزرع النوى بعد نقعه في الماء يومين وليلتين في فخار، ويغطى بطبقة رقيقة من الزبل توضع في كل حفرة أربع حبات، اثنتين في الأسفل واثنتين فوق ثم يسقى بالماء فالذي ينبت ورأسه إلى أسفل فهو ذكر ولا يحمل. وقيل أن الأنثى لا تحمل حتى يجاورها الذكر أو يقرب منها، بحيث يلقحها مع هبوب الريح كالنحل، وينقل بعد عامين أو ثلاثة بظرفه ويسقى بالماء. وكذا القراصيا والبندق. وقيل أن الوتد والملخ من الفستق لا يثمر إلا إذا طعمت الأنثى بالذكر وبالعكس، ولا بأس من تركيبه على البطم واللوز والماء الكثير فيسد أصوله وجذوره، وزرعه بين البيوت عبث لا فائدة منه. والبندق كالفستق في جميع ما ذكر من الغراس بسائر أنواعه. وقيل أن العقرب يهرب منه.

واللوز يحب الأرض الرخوة وينمو فيها، والجزائر خير أرض له. ويغرس في الجبال لأنه يحب البرودة، وكذلك يغرس في الرمل ويمكن غرسه حبا وذلك بأن ينقع ثلاثة أيام في زبل مبلول ثم يخرج وتوضع كل واحدة في حفرة فيها تراب من وجه الأرض منكسة في الأرض على التراب المذكور، ويلقى الزبل المخلوط بالتراب عليها في عمق شبر بدعامة قائمة يصعد عليها. ولا يطمر اللوز على عمق أكثر من أربعة أصابع وإلا فإنه ينبت. وإذا نقع حبه ثلاثة أيام قبل غرسه في ماء وعسل حلا طعمه ولا بأس من وضع ثلاث حبات معا في كل حفرة، وينقل بعد عام إلى الأحواض، ثم ينقل بعد عامين إلى محل غرسه كما هو وزراعة اللوز تكون على أنواع فمنه ما يغرس أوتادا على السواقي، ومنه ما يزرع أغصانا تؤخذ من وسط الشجرة وقد تنزع قضبانه باليد جذبا، وتغرس الخلوف النابتة مه بأصولها في الخرفي لا الربيع أما حبه فيزرع في الفصلين. واللوز يورق ويزهر قبل الأشجار كلها، وإذا ربط رأس حمار ميت على شجرة اللوز لم تتناثر، والماء الكثير يضر باللوز وكذلك الأبنية ويركب في الخرفي في القراصيا والمشمش والخوخ، وفي ذوات الصموغ كلها، وإذا ركب الكمثري جاء كثيرا.

والصنوبر ثلاثة أنواع منه أنثى، والذكر لا يثمر وهو الأرز. وقضم قريش يشبه السرو، وكله في العمل سواء، يزرع حبه بعد أن ينقع في الماء ثلاثة أيام، ثم يغرس في نصف آذار، وينقل بعد سنتين أو ثلاث، ويغرس كالبندق ولا زهر له، بل سنابل، ولا يزرع ملوخا ولا أوتادا بل حبا ويغرس في أوان من الفخار الجديد في تراب مأخوذ من وجه الأرض مخلوط بزبل ويغطى بطبقة سمكها إصبعان من الخليط المذكور ثم يسقى بالماء وتوضع كل ثلاث حبات في حفرة، وبعضهم ينقعه في أبوال الصبيان عشرة أيام وقيل خمسة وينقل بعد عام إلى الأحواض بترابه، ثم ينقل من الأحواض بعد عامين أو ثلاث فيقلع برفق حتى لا تتكسر جذوره أو يقطع منها شيء ويغرس في حفرة عمقها أربعة أشبار ويسقى يوميا مدة ثمانية أيام ثم يسقى يوما بعد يوم مدة ثمانية أيام ثم بعد شهر يسقى كل ثامن يوم ولا تزبل الأحواض وإلا فسدت الأغراس وتقلم أغصانه كل عام من أيام الربيع فينمو ويشتد. وقيل إن نثر مع حبه شعير عند غرسه أسرع في النمو والإنتاج وطال لما لا يطول غيره في ثلاث سنين. وقضم قريش يثمر ثمرا صغيرا يشبه الصنوبر.

والجوز يحب الأرض الندية كما يحب الماء وينبت في الجبال إذا كانت هناك مياه ويغرس حبه في شباط وفي الخرفي ثم ينقل، كما يغرس من أغصان تنزع من الشجر، ومن قضبان أصول كما مر وبعض الحكماء كان يزرع اللب الصحيح لسالم، بعد أن يلف عليه صوفة منقوشة ليسلم من الهوام. وكذا فيعل في كل ذي لب له قشران من الثمار. والزبل يضر بالجوز ولكنه يحتاج أن ينبش أصله ويترك منبوشا يومين، ثم يعاد ترابه، والجوز يبطئ في الأرض اللينة ينتج. وقيل إذا نفع في أبوال الصبيان والتراب الخصب مدة خمسة أيام رق قشره. وكذا اللوز بعد أن يختار الجيد من ذلك، وإن نقع في ماء وعسل طاب وحلا وموعد زرعه وقت جمع ثمره. وإذا نقل الجوز ثلاث مرات بعد أن يقيم في كل مرة عاما في مكان حسن، جاد نباته وكثر حمله. وقال بعضهم: السقي بالماء يهلكه وفيسده، ويكفي سقيه في العام أربع مرات أو خمسا. ولا يقلم الجوز ولا يمس بحديد وهو يختلف عن جميع الأشجار ولا يشبه في طبيعته إلا التين، وهو لا يركب منه ولا فيه، ويعمر مائتي سنة، وتقشير عروقه يصلحه، وإذا غفل عنه فسد ثمره واسود وسوّس، لا سيما في الأرض الحارة التربة التي ليس فيها حجر ولا زبل، وطريقة تقشيره أن تقطع العروق التي في ساق الشجرة ولا يبقى منها شيء، لأن الباقي منها فيسد الشجرة وإذا عرض لها علة يرش عليها الماء الحار وتسقى من أصلها الدم - أي دم كان - ويوافقها دم الجمال مخلوطا بماء حار. والجوز مع التين والسداب ترياق لجميع السموم.

والشاهبلوط وهو القسطل أعذب من البلوط وأفضل، وأقل يبسا، وهو لا ينبت في المروج ولا على الماء أنه من الأشجار الجبلية البرية التي تنبت وحدها وهو يحب الهواء البارد وخصوصا ريح الشمال. وقد يغرس حبه كما يغرس من فروعه أو قضبانه فتزرع على عمق اثني عشر إصبعا وتنقل بعد سنتين وتطعم بعد عامين. ولا يجود في البلاد الحارة. ينبت على الحجارة، وينقل من الجبال بعروقه وترابه، ويغرس في حفرة عمقها أربعة أشبار، ويجعل في أسفلها رمل أو حصى مخلوط بتراب جبلي مأخوذ من وجه الأرض، ويغرس ثمره بعد تناهي نضجه في فخار جديد، في رمل مخلوط كما ذكر، وذلك عند زيادة القمر، وينقل بعد عام إلى حوض، ثم بعد عامين إلى مكانه الذي سيستقر فبه. وبين كل غرستين عشرون ذراعا فأكثر، وهو كاللوز والجوز يسقى بالماء الكثير إلى وقت اجتناء ثمره. وإن اتفق أن جرى الماء على أصوله ليلا ونهارا فإنه يعظم حبه ويكثر لحمه، وتركه بلا سقي لا يضره، والبلوط ينفع من السموم ومن الاستطلاق، ويصنع منه خبز وذلك بعد أن يدق ويوضع في الشمس يوما ويجعل معه شيء من دهن ثم يطحن، ثم يخبز بخمير حنطة، وإذا جف خلط مع الشاهبلوط بمقدار نصفه أو ثلثه ثم يطحنان ويعجنا بخمير، فخبز البلوط وحده مضر جدا فليتجنب.

والزعرور يسمى التفاح البري، ويؤخذ من بزره ونباته وملوخه الحمر نحو ستة أشبار ويزبل ويرمّد وهو بطيء الإثمار ولا يكون ذلك إلا بعد نحو عشرين سنة، ولا يركب في شيء ولا يركب فيه شيء إلا الكمثري فإنه يركب في الزعرور، يحتاج إلى الكسح كل سنة بحديد قاطع، والزبل لا يوافقه.

والعناب والنبق قيل هما شجرة واحدة، والصحيح أنهما شجرتان، ويغرس العناب من خلوفه، وإن أخذ منه قضيب وغرس فإنه يعلق ولا يزرع نواه، والنبق طويل العمر، طويل العروق، وتمتد عروقه طلبا للماء حتى تحظى به ولو على الجبال وهو لا يركب في غيره ولا يركب منه غيره، ويتحمل الماء الكثير لكنه إن لم يسق لا يضره. وقيل يغرس يوم الخميس في نقصان الهلال في حفرة عمقها نحو ثلاثة أشبار ثم يرد عليها التراب بلا زبل، ويسقى كل ثامن يوم من الشهر، ويزرع نواه في الفخار ويسقى حتى ينبت، وينقل بعد عامين، والنبق والعناب في ذلك كله سواء. وفلاّحو بابل يتحدثون عن شجرة النبق بالعجائب وهو حديث خرافة، وذلك أن شجرات النبق يتحدثن بالليل فيما بينهن ويتسائلن عن الأخبار، ومن ذلك حكاية عجيبة طويلة نقلها ابن وحشية تقول أن رجلا أراد قطع شجرة نبق فقال لعماله: إذا كان نهار غد فاقطعوا شجرة النبق الفلانية، فاتفق أن واحدا منهم بات عند النبق، فلما طلع القمر سمع الرجل شجرة نبق مقابلة لتلك الشجرة المعينة للقطع تقول: يا أختي غمني ما سمعت، وساءني ما عزم عليه رب الضيعة، وعجبت ن جهله، فهل سمعت شيئا؟ فأجابتها الأخرى: نعم، قد سمعت أنه أمر بقطعي، وغمني أكثر فما حيلتي، وما عساني أن أصنع وأنا أعلم بأنه لا تدور عليه سنة بعد قطعه لي حتى يموت، لكن ما ينفعني موته إذا أماتني قبله. فأجابتها الأخرى: إني لأعجب من جهله، أما سمع أنه ما قطع أحد شجرة نبق إلا انقطعت حياته بعدها بأيام قلائل، فأجابتها المعينة للقطع أن جهله يضر به ويجلب له السوء، وأما أنا فإنه إذا قطعني وبقي أصلي فإني سأغيب عنكن عشر سنين، ثم أطلع مكاني أما هو فإنه إذا مات فلا رجعة له إلى هذا العالم أبدا. وقالت لها الأخرى، اعلمي أنه أنا وفلانة وفلانة - تعني شجرتين قريبتين منها - لا نزال نبكي عليك وننتحب إلى أن ترجعي. قال: وسمعت نحيبا وبكاء ظرفيا ليس كبكاء الناس. قال فزاد أرقي ولم أنم حتى آخر الليل وفي الصباح أخبرت أصحابي ما سمعت فعجبوا، ومضينا إلى رب الضيعة فأخبرناه الخبر.

فقال إني لأحب أن أبيت الليلة في موضعك لأسمع ما سمعت فأنَّا لم نزل نسمع أن أشجار النبق يتزاورن ويتكلمن وكنت أكذب ذلك. قال: فبات تلك الليلة رب الضيعة، وبات القوم في ذلك الموضع، فلما جاء ذلك الوقت ابتدأت شجرة تقول للتي ستقطع: لقد سرني ما علمت من عدم قطعك اليوم، وليته يضرب عن ذلك. فقالت لها الأخرى، إن كفّ فهو مسعود، وسكتت الشجرتان، فلما أصبح الرجل، قام بازاء الشجرة ومعه الجماعة فأمرهم أن يرشوا على أغصانها وورقها الماء وأن ينبشوا أصلها ويطموه بتراب غريب، وأن يصبوا في أصلها الماء ففعلوا ذلك والله اعلم.

وشجر الكمثري يحب الأماكن الباردة وكثرة الماء وتغور في الأرض عروقه حتى يبلغ الماء. ويغرس أما بفروع تنزع من الشجر وأما الأوتاد، ويكون ذلك في الخرفي. وتنقى حفرته من الحصى، ويوضع عليه التراب مغربلا. وتؤخذ القضبان النابتة عند أصوله بعد أن تقلع بعروقها وطول وتده ثلاثة أشبار ويغرس عند السواقي في كانون الأول ويجود إذا استمر عليه الماء دوما وغرسه في شباط أجود وإن غرس في اليوم الثالث من الشهر أثمر بعد ثلاثة أعوام، وإن غرس في العاشر أثمر بعد عشر سنين أو لعشر بقين من الشهر أثمر بعد عشرين سنة وكذا إلى ثلاثين فليتأكد الغارس من ثالث يوم من الشهر. ويركب في السفرجل والتفاح ويتعهد بالسقي والزبل، لكن التقصير في ذلك لا يضر. وهو يقبل التركيب بسرعة وأن ضربته الدولة عولج بزبل الناس والبقر عفنين مع ورق كمثري يطم به الزبل مخلوطا بمسحوق التراب ويجبل روث البقر بالماء ودردي الزيت ثم يطلى به ساق الشجرة وأصول أغصانها فذلك يطرد الدود ويبعد عن الشجرة الفساد. ولا يؤثر فيها ريح الشمال أول الربيع في آذار ونيسان، وكذا الفواكه كلها إنها إن عولجت كذلك سلمت كل السنة. ومتى كان الشتاء باردا حتى يجمد الماء وينزل الثلج فإن الثمار تجود وإن ألقي في أصل الشجرة قليل من الثلج فإنه يعين على مقاومة الفساد فإن هبت شمال عقب الثلج أيضا كان عونا على تجنب الكثير من الأمراض، وإذا خرج ثمره قليل الحلاوة يابسا قليل الماء يغلى له ماء عذب في قدر ويصب في أصوله ويرش عليه وعلى الأغصان والأوراق مدة ثلاثة أيام والقمر زائد الضوء ويكرر أربع مرات فإنه يحلو ويكثر ماؤه وقد جرب ذلك ونجح ويزبل بروث البقر والخيل وورق الكراث يخلط جميعه بأجزاء متساوية ويوضع الخليط في حفرة فيها بول ويرش عليها ماء عذب ويقلب في الحفرة يومين أو ثلاثة فإذا نهض فرش على وجه الأرض حتى يجف، ويزبل به الكمثري وغيره من الثمر بلا تغبير بل تطمر أصول الشجر ثم تنبش وتسقى الماء حتى ترتوي فإنه يزيد في مياه الفواكه كلها، ويرطبها ويطيب طعمها.

والقنبيط يفعل العجب في حلاوة ثمر الكمثري والتين والعنب.

والقراصيا وهو حب الملوك يغرس من ملوخه وخلوفه ومن نواه، ونباته لا ينبت من ساقه، بل من أسفله وينقل من الجبال بعروقه كاملة. وكذا نقل كل ما له صمغ يحافظ على عروقه ولا يقطع منها شيء، وإلا لم ينبت. وقضبانه التي تملخ، تغرس في حفرة عمقها نحو ثلاثة أشبار. ونواه يزرع في الفخار أيام تطعيمه، بعد نقعه في الماء عشرين يوما. ويكون في الفخار في الخرفي أو الشتاء، وينبت في آذار، وربما تأخر شهرا وينقل بعد عامين. والزبل يضره وفيسده. ويركب بعضه من بعض أو من الخوخ وقيل يركب من اللوز.

والرمان منه الحامض ومنه الذكر وهو الجلنار. والعمل فيه كله سواء وهو يحب الماء كثيرا وبقدر ما يشرب منه بقدر ما يحلو. ويختار منه للفرس الحب الجاف لا ممتلئ فيحفر له بحافة مجرى الماء حفائر صغار، يجعل في كل حفرة بين سبع حبات وأربع عشرة ويسقى بالماء، ويزبل ويتعهد إلى أن ينمو نحو شبر، فيزاد في سقيه ثم ينقل بعروقه وطينه إلى حفائره رطبت بأبوال الناس أو الجمال أو البقر، وحياته تعتمد على كثرة سقيه، ولو كان ذلك كل يوم من حين يغرس، إلى أن ينبت بل إلى أن يحمل، وقيل يمضغ طرف القضيب الذي يغرس قبل غرسه فيحمل مثل حمل الأصل، ومما يزيد في مقداره أن يجعل مع قضبانه إذا غرست ومع حبه إذا زرع من الباقلي المدقوق بقشوره قدر ملء الكف أو يؤخذ حب الحمص ويدق ويبل باللبن الحليب ثم يجعل معه، وإذا طلي أسفل القضبان بالعسل الجيد مقدار أربع أصابع، أو صب على الحب المغروس عسل، فإن الرمان يخرج حلوا بلا نوى. وتغرس ملوخه وأوتاده منكسة، فلا يتشقق قشر حبها. والرمان سريع التجاوب مع محيطة مما يجعله عرضة للتغيير في طعمه. وطريقة زرعه قضبانا تكون كالآتي: تغرس في الحفرة الواحدة ثلاثة قضبان أو ستة أو تسعة أو اثنا عشر لا أكثر، ويكون ذلك في الثامن والعشرين من شباط إلى الرابع والعشرين من آذار، وتوضع القضبان في الحفرة وتطمر وتداس بالأرجل حتى يشد التراب أصولها ويسقى قليلا بعد ساعتين أو ثلاث من غرسه ثم يسقى كالعادة بعد ذلك. وإذا غرس معه الباقلي المدقوق أو دقيق الحمص باللبن كما مر ينقلب الحامض حلوا ويكون نوعه أجود من حيث كبر الحجم وصغر النوى. وإذا دق الجرجير وعصر وصب ماؤه في أصل شجرة الرمان انقلب حلوا، وإذا لطخ أصل شجرة الرمان الحامض بروث الخنزير انقلب حلوا أيضا، وكذا إذا نبش عن جذور الرمان وسقيت بأبوال الناس بعد تلطيخه بروث الخنزير. وقيل يجود الرمان إذا زرع حبه طريا عند استخراجه من الرمانة بلا تجففي شرط أن يصب عليه بعد وضعه في الأرض شيء من ماء الرمان المعصور باليد لا بهاون ونحوه وهي طريقة مجربة وناجحة. وإذا أردت أن يخرج الرمان بلا نوى شق القضيب الذي تغرسه نصفين من طرف إلى طرف بسكين حادة استخرج ما فيه من اللب والصوف ثم اجمع النصفين وشدهما في ثلاثة مواضع واغرسه فإن رمانه يخرج بلا نوى. وإن زرع حول شجرة الرمان عنصل أبعد عن ثمره التشقق، وقضبان الرمان متلفة للحيات والعقارب وسائر الهوام الضاريات، ولذلك يتخذها الطير في أعشاشها لتقي فراخها من الهوام وتهرب الحيَّات - ولا سيما الشجاع الأسود والأرقم - من دخانه خشبا وقشورا وأغصانا. وشجرة الرمان إذا قل حملها أو تساقط قبل أن يكبر تطوق بطوق من القلعي والأسرب مخلوطين بأجزاء متساوية فإنه يمسك حملها وبين شجر الرمان والآس مؤاخاة، فإذا غرسا معا كثر ثمرها، وإذا أردت أن تعلم كم رمانة تحمل الشجرة خذ أول جلنار تزهر عليها وعد حبها الصغار، فإنها تحمل تلك السنة بعدد ذلك الحب.

والسفرجل يغرس أوتادا وملوخا، فإذا غرس ملوخا يمدد في الحفرة تمديدا وقد يغرس الحب فينجح ويكون ذلك في تشرين الأول وهو يحتاج للسقي كثيرا. أما غرس الأوتاد منه فيكون في كانون الأول وهو لا يتحمل بل ه سم له، والسفرجل يركب في جنسه وفي جميع أشجار الفاكهة. ويضيَّق ما بين أغراس السفرجل مخافة أن تصل الشمس إلى ثمره فتحرقه أو يضعف ويصبح خشنا.

والتفاح تغرس خلوفه وملوخه وأصوله بعروقها وكذلك قضبانه. وقد يغرس وتده وبزر ثمره بعد أن يترك حتى يجف، ووقته الربيع والخرفي، ويزرع والقمر بدرا، وهو لا يقوى على الزبل ويركب فيه الكمثري فيجود جدا وهو مجرب. وإذا خرج زهر التفاح قبل ورقه فتلك سنة حمله.

والخوخ من أنواع المشمش، إلا أن المشمش أطول عمرا. والخوخ يحمل أربع سنين وفي الخامسة ينقطع حمله. ويسميه أهل الشام الدراقن، ولا يسقى دائما وتكبر شجرته سريعا وإن طعم بشجر الأجاص أو اللوز عاش كثيرا. ويمن زرع نواه على أن ينقل بعد سنتين. ونقله يكون في كانون الآخر وزرع النوى من نصف آب إلى آخر شباط. وإن غرس الورد تحت شجر الخوخ احمر ثمره.

والأجاص - وهو عيون البقر - يحب المواضع الباردة الرطبة، وتغرس خلوفه بأصولها أو ملوخه كما يزرع نواه ويكون ذلك في شباط ويزبل بروث البقر وغيره من الزبل مع تراب ناعم ويسقى مرتين في الأسبوع وثلاث مرات أيام الحر. ويمكن تركيبه في البرقوق والقراصيا وأمثالهما من ذوات الصموغ وهو لا يقوى على تحمل الزبل بل يسرع الزبل في إفساده، إلا إنه يحب الماء. وقيل إذا غرست أوتاده وتعهدت بالسقي وترعرعت، وهو يركب في اللوز والخوخ أي الدراقن.

والمشمش إذا زرع نواه يكون أجود ويكون ذلك من شباط حتى آخر آذار وينقل بعد أن ينبت ويقوى وتنبش أصوله بعد شهر من نقله ويزبل مرة في الأسبوع. ويزرع والقمر بدرا.

والتوت يزرع حبه فينبت وأجوده ما زرقته الطيور من البالغ غاية البلوغ على شطوط الأنهر والسواقي وهو إما أن يزرع من أغصانه الغلاظ كل قطعة بطول ثلاثة أشبار ويسقى أو يغرس من ملوخه الحمر الملس في طول أربعة أشبار، وكذلك من أوتاده بغلظ الذراع أو غلظ الساق. والتوت يحب الماء كثيرا وورقه في الثاني غذاء لدود الحرير. وينقى شجر التوت كل عام وينزع ما تعقد من أغصانه ففي ذلك صلاحه. وإذا هرمت شجرته تقطع من أعلاها في كانون الأول ويبقى الجذع بطول قامة ويطين موضع القطع بطين أبيض حلو فلا تلبث أن تعود قوية كما كانت. ووقت غرسه من عشرة من شباط إلى آخر آذار أو بعده بأيام وهو يقبل التركيب على ما يشبهه ويشاكله ويمكن خلطه بالطحين ثم يعجن ويخبز. وقيل لا يسقط أحد من شجرته ويسلم من الموت أو الكسر أو الخلع بخلاف السقوط من الزيتون.

والتوت الحلو وكذلك التين، منه ما هو على أصول قديمة ومنه عن تركيب مع مثله لا غير، وغرسه في الخرفي والربيع، والإفراط في الماء وفي الزبل يضره ويمكن إنباته من ملوخه أو أوتاده أو قضبانه أو من بزره وتغرس أوتاده على السواقي قائمة أو مبسوطة أو منكوسة فتجود. ويترك من ملوخها فوق الأرض ثلثي شبر لا أكثر، وكذا وتدها، وينقل بعد عامين أو أكثر. ونقله من أول كانون الأول إلى نصف آذار. ويزرع حبه على أن يؤخذ من التين المختار الياس، وينقع في الماء حتى يرطب ثم يخلط بروث البقر ويلطخ حبل غليظ بهذا الخليط ثم يقطع ويوضع في التراب بمقدار نصف شبر ويتعهد بالسقي حتى ينبت، وغرس بصل العنصل معه ينفعه، وكلما تقادم كثر حمله. نزول الغيث الباكر يوقف نضج التين وإذا وضع الزيت في فم التينة أسرع نضجها واستعمل العسل بدل الزيت أحسن. وشوكة العوسج إذا دس منها واحدة في فم التينة لا يمضي عليها أكثر من يوم وليلة حتى تنضج. والتين قوت ويصنع منه خبز كما تقدم وأشعة الشمس والكواكب تنفعه أما القمر فيضره. والريح الشرقية تنعشه وتقويه.

والجميز أشد حرارة من التين وشجره يكبر أكثر من التين.

والنخل يغرس نواه في حفرة عمقها نحو ذراعين وكذلك عرضها، تملأ ترابا وزبلا بمقدار نصف ذراع ويوضع النوى في وسط التراب مضطجعا ثم يلقى عليه التراب المخلوط بالملح بمقدار أربعة أرطال لكل قفيزين من الرمل والتراب حتى يطمره. وتغطى الحفرة بحطب الكرم ويسقى كل يوم حتى ينبت، ثم ينقل وبعضهم لا ينقله. ومن يحب الأرض المالحة لذلك يحفر حوله كل سنة ويلقى عليه ملح وهذا مما يسرع نموه وحمله. ولا يزرع النخل أوتادا ولا ملوخا. أما غراسه فتنقل إلى حفر عمقها شبران ثم تطمر بالتراب والزبل والملح، وتسقى على الفور ثم تسقى كل رابع يوم ويذاب الملح بالماء ويلقى على أصولها مرة كل خمسة عشر يوما ثم يخفف سقيها فيصبح مرة كل ثمانية أيام. وينبغي أن يصب الماء في أصول النخل مرة في كل سنة مخلوطا بدردي الشراب العتيق. وقيل مرتين في العام إلا في الأرض المالحة فيستغنى عن ذلك بالملح في أصولها. ويقطع جريدها في الربيع أي في نصف آذار أو نحوه لا قبله ولا بعده. ويصنع من طلع النخل وجماره خبز وذلك كما يلي: يؤخذ الطلع إذا أخضر وتشقق قشره عنه فإن كان رطبا قطع مع قشره بالسكين قطعا صغارا ثم يجفف بالشمس، ثم يدق ويطحن ويعجن دقيقه بخمير وماء حار وملح ثم يؤكل، وإن سلق بالماء سلقتين أو ثلاثا كان أجود.

أما الكرم فيغرس طولا في خنادق عرض الخندق قدمان وعمقه شبران ويحفر أسفل تلك الحفرة حفرة أخرى عمقها ثمان أصابع يوضع فيها من الزبل ما يكفي، ثم يطمر القضيب ويسوى ما حوله من الأرض، وبعد سنة يحفر حول الكرمة وتزال الجذور التي على وجه الأرض بمنجل من حديد فجذور الكرمة تمتد في كل اتجاه وتغرس الكرمة في الخرفي وتوجه أغصانها في البلاد القليلة الماء نحو الشرق والجنوب ما أمكن وتنحى ع الغرب والشمال ما أمكن ويترك لها عند التقليم والكسح أغصان بطول نحو ذراعين وتكون الفرجة بين الغرسة والغرسة خمس عشرة ذراعا وتسند إلى أشجار لا ثمار له أو على أشجار لها ثمار لكنها قليلة الجذور كالرمان والسفرجل والتفاح والزيتون إذا كان لا تفريع متباعدا، وبعضهم يغرس شجرة التين مع الكرمة لما بينهما من التجانس. وينبغي أن تكون قضبان شجرة الكرمة وسطا بين القديم والجديد أي أن يكون عمرها دون أربع سنين والأفضل أن لا يكون القضيب عريضا و خشنا ولا خفيفا ولا متباعد العقد بل يكون لينا رزينا، وإن قطع القضيب ولم يغرس بسرعة يدفن في أرض رطبة أو في إناء من خزف بين طبقتين من تراب خصب وكذا إذا حمل من بلد إلى بلد فإنه يصل سالما ولو بعد شهرين. وإذا نقعت القضبان في الماء يوم وليلة ثم غرست علقت، ولا ينبغي أن يترك غرس الكرمة بعد قطعه في تراب ندي أو في ماء فإنه ييبس ولا يعلق. وإذا نقلت الغرسات من مكان بعيد وضربها الريح نقعت يوما وليلة في ماء عذب ثم تغرس، وينبغي أن تغرس القضبان بين أول ليلة من الشهر القمري حتى خامس ليلة فإنه يكاد لا فيسد منه شيء ويجود حمله. وتقطع الغراس من الكرم في أول النهار حتى مضي ثلاث ساعات منه، وتغرس مائلة إلى جهة الشرق. ولا يجب أن يباعد بين القضبان في الحفرة ولا يجمع بين زرع الأسود والأبيض في حفرة واحدة، ولا يداس ترابه بالأرجل بل يسوى بالأيدي بلطف وتزال عيون قضيبه بالطمر إلا عينا واحدة. وقيل الكرمة، التي تعرش على الشجر تكون أقوى وأجود وأحسن إذا عرش على الخشب والقصب. وقيل، الكرمة النائمة على الأرض أفضل من المعرشة لمحبة الكرمة للتراب، والمعرشة لا توافقها الأماكن الباردة جدا. ووضع قطع الصخور الصغار بين الغروس يدفع عنها الآفات، ويعجل بإنباتها وكذلك التراب المجموع من الطرق وفيه الأزبال وتبن الكتان فإنه يخلط حتى يصير شيئا واحدا ثم يجعل في أصول الكرم ترعرعت الكرمة ونمت ويكون ذلك من نصف تشرين الأول إلى نصف تشرين الثاني. وقيل: كان آدم ونوح عليهما السلام يزرعان البزر من النصف الأول من آذار حتى آخره في كل بلد، ويزرع بينه القثاء والقرع والبقلة وذلك ينفعه. وقيل أجود ما يزرع بين أغراس الكرمة الباقلي والماش والكرسنة واللوبيا، ويمنع زرع الكرنب فإنه يضره كما لا يزرع الحمص لملوحته، ولا اللفت ولا الفجل، ولا يغرس معه التين ولا في البلاد الباردة، ولا الزيتون، ولا الرمان، ويباعد بين شجره ما أمكن، فذلك أنفع من جعله متقاربا ويكون بين الكرمة والكرمة مقدار خمسة عشر قدما فأكثر، ويجود الكرم في الأرض السهلة، والرياح الجنوبية نافعة للكروم جدا. وعنب العرايش أطيب من الجفان، لكن الجفان أكثر حملا. وعند قطع أوتاد العنب يترك منها غرناسان في كل غرناس أربعة أعين، وبعد ست سنين يترك في كل دالية أربعة غرانيس.

والأترج يغرس في الخرفي بقرب الحيطان، لتستره من الريح الشمالي لأنه يضره، أما ريح الجنوب فينفعه، ويغطى بعض الوقت بالحصر ونحوها. ويزرع في المكان الدافئ ويضيق بين أشجاره ليحمي بعضه بعضا من الجليد والريح البارد، وتغرض أوتاده في آذار وتكون بطول ذراع في غلظ ما يملأ الكف ويختار منها الناعمة الخضراء فإنها خير من اليابسة. وقد تسلخ قضبانه الناعمة سلخا بالأيدي وتغرس كما يمكن غرس نواه، أما نقله فيكون من أيلول إلى آخر كانون الثاني، لكن غرسه أوتادا أفضل ويكون ذلك من آذار ونيسان حتى منتصف أيار في أحواض خلطت تربتها بالزبل ويكون بين الوتدين ثلاثة أشبار ثم يسقى بالماء. وإذا زرعت أوتاده يحذر من شقها أو تخديش قشرها عنه الغرس، ويتعهد شجر الأترج بالكسح والتخفيف إذا ثقل حملها أو استطال أغصانها، ويجب أن يجنى ثمره بعد بلوغه واستحكام صفرته فإذا ترك أضر به ضررا بالغا. وقد يكبر حتى لا يقوى الغصن على حمله. ولا يغفل عن سقيه إذ ليس في الأشجار أعظم حاجة منه إلى الماء في الصفي والخرفي والشتاء والربيع، لأنه شجر مائي وبعر الغنم ينفعه كثيرا. وفي البرد يحفر حوله ويطمر الزبل الحار، ثم يسقى بالماء وإن خلط بعر الغنم ببعض رماد الحمامات كان أجود وموعد زبله في الخرفي والربيع. والأترج إذا غرس مع شجر الرمان احمر ثمره. وإذا طلي ثمره في الشتاء بجص معجون بالماء قاوم الثلج. وقشر الأترج إذا مضغ يزيل رائحة الثوم، وأكله يقوي الأحشاء الباردة، وإذا جعل في الثياب منع التسوس.

والكباد المصري يزرع بذورا أو يغرس أوتادا، ثم ينقل بعروقه. وقيل ينقل بعد عامين، ويغرس في الجهات التي تطلع عليها الشمس، ولا يركب في شيء، ولا يركب منه شيء من الأشجار.

والليمون يزرع بذورا في أوعية سقيت بالماء، ولا يكاد يجف ترابها حتى تنبت، ولا تنقل غرسه حتى تجف أرضه ويكون بقدر قامة الإنسان وليس أقل. وقد يزرع أوتادا فيؤخذ العود الأملس منه ويقطع أوتادا كل وتد بطول شبرين ونصف، يغيب منها في الأرض شبران، ويبقى شبر ونصف ظاهرا ويسقى يوميا على مدار ثمانية أيام، ثم يسقى كل أربعة أيام هكذا ثم كل ثمانية أيام ثم كل خمسة عشر يوما وتنبش أرضه نبشا خفيفا دون مس الأوتاد أو التراب الذي حولها، ويحبس عنها الماء في الشتاء.

والنفاش يزرع بذرا أو ينقل بعروقه مجردة من تراب مغرسه، وقيل يغرس أوتادا وينقل بعد عامين، ويركب في نوعه وغيره مما يشبهه.

والسرو يزرع من بزره وهو أن يبدر ويزرع عليه شعير ثم ينقل، ولا يغرس أوتادا ولا ملوخا، وكيفية زرعه من حبه أن يؤخذ جوزه الأخضر الناضج من شجرته في أواخر شباط، ويستخرج منه بزره ثم يزرع في التراب الأحمر المرمل، ويغطى بطبقة رقيقة من رمل مغربل لم يعرض لأشعة الشمس. ويحفظ من المطر قبل نبته لكنه يسقى بالماء العذب كل أسبوع مرتين، وبعد عام ينقل بعروقه وترابه ويسقى كل أربعة أيام حتى يقوى ثم يسقى كل ثمانية أيام وهو يتطلب العناية حتى ينمو. ومن خواص السرو إنه إذا بخر به قضى على البق أو ما يعرف بالفسفس.

والأبهل يزرع مثل السرو وكذا العرعر، والسبستان توافقه الأرض الرخوة اللينة ويغرس أوتادا أو بذورا في شهر كانون الأول ولا يركب في شيء ولا يركب فيه شيء، وتفلح شجرته في البلاد الحارة، ولا تفلح في الباردة وهي تحتاج إلى التشذيب. وقيل إنها شجرة الجن، يجتمعون إليها بالليل وهي لا ترتوي من الماء قط.

والميس، وهو القيقب، توافقه المواضع الرطبة إلا أنه ينبت في كل أرض وينمو في كل مكان إلا في الأرض السوداء الحارة، فلا يكون بها البتة. وهو يزرع من ملوخه ومن نواه. والزرازير تأكل منه وترمي حبه في زرقها فينبت في الربيع ويمكن نقله دون كثير عناء وهو من الأشجار المحبة للماء، وزرعه في الكروم يفيد أشجار الكرمة ويقويها.

والازدراخت يمتد كالياسمين والكرمة، وهو كثير بأرض عكا من الشام، وهي شجرة لها ساق كساق الكرمة وأصل كأصل النخل، وورق كورق الصفصاف، وزهر في عنقود كعنقود العنب، أبيض كلون الياسمين، يزرع فسخه أو نواه في الخرفي حين يعرى من ورقه، ولا يزرع أوتادا ولا ملوخا، وهو يحب المياه بكثرة والزلزلخت تنقل شجرته أو من شتله النابت حوله. والياسمين تغرس قضبانا وتفصيل ذلك أن تنتقى من الأغصان التي ظهرت في العام الماضي ويكون غرسها في نيسان وتسقى بالماء دون انقطاع حتى تعلق. وينبغي أن يغطى في البرد، فإن الثلج يحرقه، ويمكن زرعه ملوخا أو أوتادا أو شتلات. ويغرس في شهر شباط وآذار وأول نيسان.

والورد النسرين كالياسمين في كل ما ذكرنا، ولشجرته شوك، وهو يجود في الأرض الرطبة والماء العذب فينفعه أما الماء المتغير فيقتله. والخيزران ينقل من البر إلى البساتين ويركب الياسمين منه فينجب ويكون نقله بقلعه مع ترابه في آذار، ويغرس عند مجاري المياه. لأنه يحب الماء الكثير، وينبت البحري منه بقرب شاطئ البحر، ويمتد كالياسمين ويسمى في بلاد الشام قف وأنظر. وشجرة البان والخلاف والحيلاف والصفصاف كلها تحب الماء الكثير وهي تغرس قضبانا أو ملخا أو أوتادا أو تنقل نقلا وهي سريعة الانطلاق كيفما زرعت وموعد غرسها في شباط وآذار غرس يسقى كل أسبوع مرة.

والحور بالحاء المهملة من خواصه أنه مع خفته شديد الحمل قويه وإذا عتق وانكسر لا ينقض كالخشب الصلب الثقيل، بل يتعلق بعضه ببعض، وقيل: قلّ منه ما يموت من الكبر وتصنع منه أخشاب تستعمل في سقف البيوت بدمشق، ويمكن إنباته بغرس قضبانه أو أوتاده أو ملوخه أو نقله نقلا ويكون ذلك في شباط، ويشذ ما ينبت في ساق شجرته ومن طبيعته أن يعلو ويكبر جدا. وهو يحب الماء وينمو به سريعا، ويكون غرسه قريبا بعضه من بعض فذلك ينفعه ويقويه. وأما الفارسي منه فإنه كالسفساف لا يطول ويعوج كما أنه سريع النمو لا سيما إذا كان على الماء. ويقال أن الكهربا هو صمغ الحور الرومي.

والدرداء ثمرته تسمى لسان العصفور، ويكون إنباته إما من أوتاده أو ينقل نقلا بعروقه وموعد ذلك في الخرفي، ويركب على نوعه وعدى غيره كالزعرور والفستق، والدلب ثمره لا يؤكل لأنه سم كله، وهو يطول كثيرا كما أن خشبه يصبر على الماء إذا استعمل في النواعير والسواقي، ويصبر على الندا فلا يعفن وموعد زرعه في شباط وفي آذار والمعروف أنه لا يركب فيه ولا منه. والدفلي وهي شجرة قتالة لا ينجو من الموت من أكلها من الناس أو البهائم، ووردها الأحمر أعظم سما وأشد فتكا وهي لا ثمر لها، وإذا طرحت قطعة خشب من الدفلي في حفرة وسط بيت ورش البيت بماء وملح دون أن ترش الحفرة اجتمعت فيه البراغيث. والبشام شجر طيب الرائحة يستاك به، ويسميه أكثر الناس البلسان، لكنه ليس هو، ويكون إنباته أوتاد أو ملوخا أو شتلات، وموعد ذلك في الخرفي عندما تسقط أوراقه وإذا شذب أو قلم فسد وذبل وهذا الشجر أكبر من أشجار البلسان، وساقه وأغصانه ليست ناعمة وورقه يميل إلى الاستدارة وهو أكبر من ورق الصعتر.

والعليق يزرع نقلا أو قضبانا أو بزرا جافا وموعد زراعته تشرين الأول وفي كانون الثاني. والعوسج يتخذ لتحصين البساتين والكروم كالعليق، وزرعه يكون قضبانا أو أوتادا أو بزرا أو ينقل نقلا وهو سريع النمو.

والورد أنواع وألوان يحتاج للعناية والسقي، ويمكن إنباته من بزره أو من ملوخه أو ينقل بعروقه ويغرس في أول الخرفي بعد نزول الغيث، ويغرس بزره في آب في الأواني ويغطى بطبقة من الزبل سمكها إصبع ويسقى بالماء حين زرعه مرتين في الأسبوع حتى يجيء فصل الربيع فيستغني عن الماء، فإذا قوي ونما نقل إلى الأحواض كما يمكن غرسه قضبانا أو ملوخا ويكون طول القضيب أربع أصابع ويترك في الشتاء بلا سقي وكذلك في الخرفي لأن الأمطار تغذيه وتنبش أرضه، وإذا نقل من مكان إلى آخر اقتلع من ترابه ولا يتحمل الماء الكثير ويغرس في البساتين في تشرين الأول. والورد لا يتحمل الماء الكثير ويمكن أن يركب في العنب وفي اللوز فيزهر مع اللوز حين يزهر اللوز كما يمكن أن يركب في التفاح وأشباهه. وتغرس أصول منه مجتمعة كل ستة أو ثمانية معا في قواديس طول كل قادوس نحو ذراعين، وبعد أن تملأ بالتراب الصالح وتعهد بالماء.

وقصب السكر يغرس في عشرين آذار ويمكن غرسه من ساقه أو من جذوره بعد أن تسوى الأرض ويطرح فيها زبل كثير قديم وروث البقر زبل نافع له، وهو يزرع في أحواض طول الحوض اثنا عشر ذراعا وعرضه خمسة أذرع، ويختار منه القريب العقد الغليظ الحجم، لأنه إذا كثرت عقده كان أكثر لقحا، وإذا غلظ كان أكثر مادة، وتدفن قضبانه في التراب حين قطعها وتترك فيه إلى أول آذار فتخرج القضبان ويقطع كل واحد قطعا طول كل قطعة شبران وتقشر باليد ولا يمسها حديد، وتغرس في تلك الأحواض بعد أن يدفن منها في الأرض ما مقداره أربع عقد، وقي ثلاث عقد، وقيل ست عقد، يدفن منها أربع عقد ثم يوضع عليها روث البقر والفرجة بين القطعة والقطعة ذراع، ويجري هذا في تشرين الأول، وقيل في كانون الأول على أن يتعهد بالسقي حتى ينبت. ويقطع القصب الحلو في كانون الثاني من كل عام، ويعمر القصب الحلو ثلاثة أعوام.

والقصب الفارسي يتخذ للبناء وهو أصل قصب السكر، وتعتمد حياته على الماء والعناية وموعد قطع هذا القصب في أول الخرفي. أما طريقة غرسه فيؤخذ منه الأخضر الغليظ ويقطع ويغرس مبسوطا في خطوط من الأرض. ولا يغرس القصب في موضع فيه دخان، لأن الدود يتولد فيه، أما قصب الأقلام، فمواضعه الجبال الجافة، ولا ينمو في البلاد الشديدة البرد، وإن وجد في بعضها فإن يكون رخوا ورقيقا جدا كقصب الحصر والأقفاص. ويوجد من قصب الأقلام ما هو غليظ جدا حتى إنه يصنع منه أقواس يرمى بها البندق الطيني على الطيور، ومنه القنا، وهو قصب في حجم القصب الفارسي، غير أنه متين جدا، ومنه تتخذ الرماح، وله عقد كعقد القصب، والطباشير هو أصول القنا المحرقة ويقال إنها تحترق لاحتكاك أطرافها عند عصف الرياح فيخرج منها الطباشير، وأجوده الخفيف الأبيض السريع الفرك والسحق، وهو بارد في الثانية يابس في الثالثة، وقيل في الثانية ينفع ضعف المعدة والتهابها ويسكن العطش ويقوي القلب.

والموز له أوراق طوال عراض، طول الورقة نحو اثني عشر شبرا، وعرشها نحو ثلاثة أشبار، ويسمى حمله قاتل أبيه، ويتخذ منه شبه صل يكون في أصوله وهو لا ينبت في البلاد الباردة، ويقلع في شهر آذار بأصوله، ويغرس في حفرة عمقها شبران أو ثلاثة، وتكون المسافة بين الشجرة والشجرة ستة أذرع. فإذا غرس ردم بالتراب والزبل دون الدوس عليه بشدة ويسقى من فوره بالماء ثم يسقى مرة كل أربعة أيام حتى آخر آذار، فيسقى كل ثمانية أيام مرة ويطعم بعد عامين، فيظهر فيه عنقود واحد في أعلاه فيقطف وفيه اخضرار، فيعلق في البيوت وشيئا فشيئا ينضج وإذا قطع العنقود سقطت الشجرة وخلفها من نباتها غيرها وأصل توليدها يؤخذ الثمر الطيب ويدق معه أصول القلقاس في موضع مشمس دائم، ويسقى دون انقطاع، ويكون في موضع لا تناله الرياح حتى ينبت، فيكشف عن أصله ويشق بقطعة ذهب، ويوضع فيه نواة ثمر طيبة، ويشد عليها بورقة بردى أو بخيط صوف، ويطين بطين لزج ثم يدفن على عمق أربعة أصابع ويسقى كل يوم حتى ينبت فيخرج منه الموز. وغرسه في كانون الأول وشباط ويطعم آخر الصفي. وقيل يدخل في الشق ثمرة مشدوخة وتكون النواة أنثى وهي النواة القصيرة.