طفلان كالخوين مؤتلفان

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

طفلان كالخوين مؤتلفان

​طفلان كالخوين مؤتلفان​ المؤلف جبران خليل جبران


طفلان كالخوين مؤتلفان
شبا وشب على الهوى القلبان
متمازجين كأنما نفسااهما
نفس لها شبحان منفصلان
يتشاطران العيش إن يحسن وإن
يخشن كما تتشاطر العينان
لبثا على هذا الوصال بريهة
ثمانقضت وتفارق الخلان
كانت أليفته وكان أليفها
فسطا النوى وتشتت الإلفان
جزعا لهذا البين حتى كان لا
يلهو بشيء ذانك الفتين
سررعان ما أنمى الجوى عقليهما
وتعلما التفكير قبل اوان
فتراسلا لا يحسنان كتابة
بالذكر وهو رسول كل جنان
وتشاكيا كل إلى آلامه
شكوى أدل على وفاء العاني
واسترسلا كل إلى آماله
بالقرب بعد تطاوح الهجران
لكنه طال البعاد وشوغلا
عن مؤلم التذكار بالحدثان
فاستودعا في معلمين لينموا
بهما على الآداب والعرفان
ولينسيا ذاك القديم من الهوى
في عشرة الأتراب والأقران
فتعلما النطق الصحيح وعودا
خط الحروف كلاهما في آن
حتى إذا رسما الكلام جرى كما
اتفقا على قلميهما لفظان
خلوان من معنى وفي قلبيهما
لهما أحب منى الحياة معاني
جمعا البلاغة كلها في اسمين قد
كتبا بلا حسن ولا إتقان
كتب الفتى سلمى وخطت يوسف ط
وغليك ما عنيا ببعض بيان
قال الفتى يا من تحلى لي اسمها
فرسمته ويداي ترتجفان
صورته وكأن صورتها بدت
فيه أراها دونه وتراني
وعبدت احرفه كرمز حاجب
صنما رآه عابد الأوثان
لكن شجاني الطرس قر بضمه
ومشوق صدري دائم الخفقان
وأغارني قلمي يصر مقبلا
تلك الحروف بملثم رنان
فحطمت شقيه توهم أن ما
عاقبته شفتان آثمتان
سلمى وم أحلى اسمها وحروفه
موصولة كقالائدالعقيان
متشابكات يرتضعن على المدى
ماء الحياة معا وهن هواني
ولو أنهن فصلن بتن أاسفا
كاليتم يفطم مرضع الولدان
يا ذي الحروف أأأنت عالمة بما
أوليته من طائل الإحسان
لو كنت منك لما فتئت منعما
أبدا بأطيب ملتقى وقران
ولما غدوت على الفراق كما أرى
روحا تهم بفرقة الجثمان
طال النوى يا منيتي سلمى فهل
زمن التنائي آذن بتداني
ما زلت ملء نواظري وخواطري
لكن شفتاي موحشتان
يا ليتنا طفلان لم نبرح كما
كنا إلى متأخر الزمان
قالوا لمثلك في المدارس سلوة
كذبوا ايسلوا كاره السلوان
بي حرقة أخفيتها عنهم كما
يخفي الرماد ذواكي النيران
سلمى العلوم جميعها في لفظة
كالعطر قطرته عصير جنان
سلمى الحياة وما النعيم مخلدا
يشرى لدى إقبالها بثواني
سأجد في طلبي فأستدني به
زمنا اصير وفي يدي عناني
فأطير من شغفي إليك تشوقا
وأبل غلة قلبي الظمآن
قالت وقد رسمت على الطرس اسمه
يامن وقفت لحبه وجداني
وحلا هواني فيه لي وصبابتي
حتى كأني قد هويت هواني
ليكن فدى لك يا أليف طفولتي
أن بت فيك أليفة الأشجان
وغدوت استجلي جمالك غائبا
من احرف نمقتها ببناني
نمقتها وكأنني صورتها
عن صورة مرسومة بجناني
سودتها ورحوفها في مهجتي
نارية كتبت بأحمر قاني
يبغي الأقارب لي هناء آتيا
بالعلم وهو لي الشقاء الثاني
أيضاع في غير الهوى عهدالصبا
والعمر من بعد الشبيبة فاني
ألنستزيد يقيننا بضلالنا
وبجهلنا نقضي أحب زمان
خلوا سبيل الطير يمرح هانئا
في جوه ويورد كل مكان
وليلحقن بإلفه وليسعدا
حينا قبيل العهد بالحزان
ههذا يسير من معان جاوزت
وسع أمريء وقد احتواها اسمان
ولربما عجزت بلاغات الورى
عما يخط بلا هدى طفلان