-٣٣٤-
( من عرب ويونان) تلك المعابد والكنائس ليقيموا فيها صلواتهم وطقوسهم الدينية ..
والآن وقد دخلوا في الدين الاسلامي وهم المالكون لتلك المعابد وليست لهم مقدرة
على تركها والاستغناء عنها ، فقد طلبوا تقسيم تلك المعابد بينهم وبين اخوانهم الذين
بقوا على دينهم بالحق لانهم ورثوها عن الآباء والاجداد .
قبل عمرو بن العاص دعواهم ، وجمع بين الفريقين، وطلب اليهما أن ينتخبا حكما
عدلا ليجري التقسيم . فأخذ المسلمون المعبد الكبير لأنهم الأكثرية . وأخذ
النصارى العبد الصغير لكونهم الأقلية . وقد تمت هذه القسمة بطريقة التحكيم
المتقدم ذكرها .
. ولقد عمر هذا الجامع مراراً عديدة من قبل عدد كبير من الملوك والوزراء
والمصلحين ، كما تشهد بذلك الكتابات المنقوشة على ابوابه وجدرانه . ومن ذلك ان
الداخل إلى الجامع الكبير من بابه الشرقي يرى فوقه بلاطة كتبت عليها الكلمات الآتية :
ه بسم الله الرحمن الرحيم : تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات
تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا . أمر بإنشاء هذا الباب المبارك والمئذنة
المباركة مولانا وسيدنا السلطان الملك المنصور حسام الدنيا والدين ابو الفتح لانجين
المنصوري (١) ادام الله ايامه ونشر في الخافقين بالنصر ألويته وأعلامه ، واعز انصاره
واعوانه ووزراء، وامراءه وحكامه وجنده وخدامه ، وحكم في محز المشركين سهامه
وستانه وحسامه ، و اوزع شكر ما انعمت عليه واحسن في الدنيا والآخرة اليه، وتولى
عمارتها العبد الفقير إلى ربه الراجي عفوه سنقر السلحدار العلائي المنصوري بنظره
في ايام ولايته . وكان الفراغ منهما في شهر شعبان في سنة ٦٩٧ هـ سبع وتسعين وستمائة
غفر الله له ولجميع المسلمين ) .
وعلى الباب القبلي للجامع تقرأ هذه الكلمات بسم الله الرحمن الرحيم : إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام
(1) كان من مماليك السلطان ايبك . ثم صار إلى السلطان قلاوون ، فاعتقه ، وأخذ يتدرج في معارج الرقي حستي اصبح اميراً . ثم والياً على سورية . وقد بويع له بالسلطنة سنة ٥٦٩٦ ( ١٢٩٦ م ) وتوفى بعد ذلك ثلاثة اعوام. تزوج ابنة السلطان الظاهر بيبرس . وكان نموذجاً حسناً للمسلم الكامل ، فقد ابتعد عن الخمر والميسر وكان يصوم الأشهر الثلاثة . ويقال أنه من أصل يونانى .