الادب والفنون
يعالج كبار ادباء العرب اليوم البحث في الأدب على الطريقة التحليلية العلمية ،لذلك تجد ابحاثهم ممتعة ملمة باطراف الموضوع ، تهدي المطالع الى حقائق ملموسة . والمقال التالي الذي اتحف الحرية به أحد زعماء المذهب الادبي الجديد في مصر الأستاذ المازني مثال واضح لتلك الطريقة
زارني ذات يوم شاب ازهري النشأة لا تنسجم البذلة الافرنجية على جسمه ولا يعتدل الطربوش على رأسه . وكان يحمل تحت « إبطه » كراسة مما يستعمل التلاميذ في المدارس ، محشوة بكلام كثير في الشعر عامة والشعر الوصفي خاصة . وما هو الا أن جلس حتى استأذنني في قراءة ما كتب في كراسته ولم يكد يفعل حتى قلت لنفسي انه لم يغير شيئاً حين غير ثيابه وأبدل ز يه . ولم يزد على أن كرر بعبارة تعتورها الركاكة ما كتبه«ابن رشيق، وأضرابه بلغة جزلة . ولست أدري لماذا عنيت بأن أبين له ان ماسمعت من كلامه لا يؤدي الى شيء تطمئن اليه النفس ويسكن اليه العقل . ولكن الذي ادويه هو أن ظنه أن الادب شيء يستطيع المرء ان يخبط فيه خبط العشواء ،فاذا وفق كان التوفيق عفواً ، وأنه ليس هناك مقاييس عامة ولا محك يعول عليه – أقول أن هذا الظن صدمني فأنشأت اشرح له خطأه وأريه ان هناك على الاقل جدا مقياساً عاماً وميزاناً لا يكاد يغل شهيرة وان ثم شيئا اسمه الحدود الطبيعية