صفحة:Al-Ḥurrīyah Journal, vol.1-2, 15-07-1924.pdf/42

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٤٠
الحرية

اما في هذا العالم - العالم الذي مارس النظر الى الصورة البديعة ودهش بجمالها الفني، ولم يكاف نفسه السوال عن اليد التي رسمتها فلما يزل ينظر الى الفعل لا الى الشاعل .

ولو وقف قليلا وقفة المنكر لرأى من خلال تلك الألوان الزاهية التي يبهر نظره جمالها لونا احمر قانياً وهو لون دم قلب المصور الذي نزف قطرة قطرة ليظهرها للوجود . ولو تمعن في تلك الابتسامة الفاتنة التي تؤثر بقلبه منها لعرف ان في مكانها بركة من دموع الام ذرفتها فوق تلك اليد البارعة التي رسمتها . ولو كشف عن صدر تلك الصورة لرأى هناك قلب الام مطعوناً بالف حربة من حراب الام وشدائد هذا العالم القاسي .

فطوباك ايتها الام التي وقع على منكببيك الضعيفتين واجب انماء البشرية وحفظها من الانقراض . طوباك . طوباك . اذ لولا وجودك لما وجدت العائلة والدين والمجتمع وبالجملة ، لما وجد هذا العالم .

الرجال والنساء يعملون اعمالا عظيمة . ولكنها مفردة ، اما اعمالك فهي اعظم الاعمال واحقها بالخلود لانها متصلة الى كل الاجيال، دعامة للبشرية باسرها . ان كل عمل بشري يشوبه شيء من الانانية والخلل.. يلحق فرياً منه بعض الضرر . اما عملك العظيم - عمل الولادة - فقد كان بركة للناس على اختلاف مذاهبهم واذواقهم واجناسهم . وهو وحده العمل الكامل الطاهر الشريف العظيم في نظركل الاجيال الماضية والتي ستأتي على مر الدهور . فما أعظم هذا العمل وادهشه اذ انه يفوق قوى البشر كافة . وفي وسعك انت وحدك اتيانه مهما كانت مقدرتك وظروفك .

فليتبارك هذا العمل. ولتقدس نمرة بطنك أيتها الام سواء كان مسيحاً لو كنفوشيوساً ملكا او صعلوكا . لأنه حجر في بناء الإنسانية المديونه لك بديمومتها،