اجفلت عند سنوح هذه الفكرة اجمال محتشم ثم وقفت امامها وقفة الحائر . رحماك ربي ! اليس السلطان ظل الله في ارضه . ? اليس العلماء ورثة الانبياء 1 فكيف يكونون علة الملل ومنبع الادواء ? بمثل هذا فكرت ثم ما لبثت ان اتهمت نفسي بتصور النظر وخطل الرأي اعظاماً للامر واكبرا . ولكن الكمين اذا اصابت المحزلا تفتأ تدع فيه أثراً ظاهراً . كذلك الكمر اذا اصاب الحقيقة هيمنت عليه فلا تزال تعالجه حتى تأخذ منه مأخذها رغم كل وهم او خيال ، وهكذا كانت الحال . معترك هائل بين الحق والباطل والوهم والخيال يتجاذبني ذات اليمين وذات الشمال . ثم ما زال الجدال محتدماً اصاب الحق موضعه والباطل مصرعه « والحق يعلو ولا يعلى عليه »
احات للامر عندما احترت فيه : فقلت النظر شيء والعمل شيء آخر ولا نكاد نجد كرة برزت الى ساحة العمل فانطبعت في مرآته كما كان صورها الخيال من غير تفاوت ما ؛ لاسيما المسائل الاجتماعية فكثيرأما تختلف صورها في الخارج عما تصوره الفكر ورسمه الوهم . فلننظر الى مرآة الشهود في معترك العمل اي صور حوت ، واي حقائق تمثل ? .
منذ تلك الساعة وضعت التاريخ امام عيني اليمني والمجتمع امام عيني اليسرى وخضت هاتيك الغمرات عملا وفكراً زهاء خمسة أعوام . فتجلت لي الحقيقة بشكلها المرعب وزيها الاسيف ورأيت سهم نظري بهتر بين احشائها قد اصاب كبدها لاول رمية يوم وقفت رقنة الحائر .
فلما زال ظلام الشك بنور اليقين واصبحت على بينة من الامر رأيت من الواجب ان امزق ستار الوهم واكشف النقاب عن وجه الحقيقة ؛ وكان بودي ان تكون على غير ما مثلنها مرآة الشهود ؛ ولكن مـا الحيلة والحقيقة حقيقة،رضي المسكر ام غضب ولا اثر بعد عين .
