صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/91

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

المدرسة الرمزية

أرسل إلى أديب في بغداد يقول : و... استرعي نظري نوع من الأدب أسموه بالرصية ، ولا أعلم حتى الآن تعريف هذا النوع وقد نبهني إليه تلك الانذارات إلى الأدباء الشباب المحدثين أن يكفوا عن تلك الطريقة الرمزية فإنها عقيمة النتاج لا تجدي نفعا . فما هي المصرية في الأدب ؟ وهل هي تقتصر على الآداب العربية فقط عدا الآداب العالمية ؟ وما هي نتائجها المصرة ؟ ... »

  • * *

6 عن والرمزية التي يسأل عنها الأديب البغدادي قديمة في العالم ، لأن الناس عرفوا الكتابة بالرموز قبل أن يعرفوا الكتابة بالحروف ، ولأن الكهانات الأولى كانت تستأثر بأسرار الدين وتضن بها أن تذاع للعامة على حقيقتها الصراح ، فكانت تعمل إلى الرموز أحيانا للتعبير تلك الأسرار . ثم ارتفع حجر الكهانات عن أسرار الدين فتكلم الناس فيها وأنصحوا عما يعتقدونه من خفاياها ، ولكن الولع بالأسرار والبحث عن الغوامض والغيوب طبيعة في بعض النفوس لاتخرجهم منها صراحة القول ولا إباحة التفكير المطلق لمن يشاء ، فظهر هؤلاء بين المسلمين كما ظهروا بين الأمم المسيحية والإسرائيلية ، وقدمواء عندنا العلم إلى علم شريعة وعلم حقيقة ، وأرادوا بعلم الشريعة مايبدو على ظواهر الأشياء ، وبعلم الحقيقة ماينفذ إلى بواطن الأسباب المغيبة عن العقل المكشوفة اللبصيرة ، وقابلهم عند الأمم الأخرى جماعة المتعمقين الموكلين بالغوامض والأسرار وهم المعروفون باسم الخفيين أو ال Mystics ولا يزال لهم مریدون ودعاة في كل عصر من عصور الآداب . لكن المقصود بالرمزية في الأدب الحديث هو تلك المدرسة التي راجت في أوائل القرن الحاضر وظهرت في فرنسا على أعقاب مدرسة « البرناسيين » أصحاب القول