صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/87

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

سؤالات و جوابان

A كتب إلى أديب بالبصرة يقول : «كنت أقرأ المقدمة الممتعة التي صدر بها المستر م.ج ولز کتاب المستر فرانك سو ترتن فوقفت أمام قوله : إنه باعتباره كاتبة ينتمي إلى مدرسة ، وباعتباره قارئة ينتمي إلى مدرسة أخرى ، كما يتفق أن يشتغل الإنسان بالآلات البصرية ثم يعني بجمع الصينية القديمة ... وهو قول يحتمل التأييد والتفنيد على السواء، ولا ينحصر الاعتراف به في الكاتب الإنجليزي الأشهر وحده بل يتعداه إلى أدباء كثيرين . ولكن هل تختلف عند الكاتب الواحد بوجه عام أهداف الكتابة وأهداف القراءة؟ وهل يصح مثلا أن يحيا عقله في دنيا تخالف كل المخالفة أو بعضها تلك التي يحيا فيها يقلعه ؟ وهل ثمة تعليل مقبول لهذا التباين الواضح بين دنيا العقل ودنيا القلم ؟

  • * *

والذي نعتقده أن هذه الحالة معقولة لا غرابة فيها ، وليس من وجه لاستغراسها إلا أن ترى أن الإنسان لن يقرأ إلا ليكتب ولن يشتغل بموضوع إلا الذي يشتغل به قراؤه ، وكلاهما مخالف للواقع المشاهد في كل مطلب وكل بيئة . الناس كثيرون يقرأون ولا يكتبون ، وليس الكاتب يبدع بين القراء في مطالعاته . فيجوز إذن أن يقرأ في موضوعات لا ينوي الكتابة فيها ولا يهمه أن يعقد التفاهم عليها بينه و بين قرانه . كذلك يصح أن يشتغل الكاتب بشؤون كثيرة لا يشتغل بها قراؤه ومريديه .. فربما كان من هؤلاء القراء من يتلقى عنه تجاريبه الخاصة التي يشرح فيها ما جرى له ولا يشرح فيها مطالعاته ومعارض درسه ، وربما كان منهم من يقرأه لأنه حلقة ب و بين جيل مضى من المؤلفين والكتاب ، فيكون الكاتب حينئذ كالقنطرة الثقافية بين شاطىء وشاطىء مفترقين . ومن المعهود بيننا أن الشاعر لا يقرأ الشعر دون غيره ، وأن الفيلسوفي لا يقرأ الفلسفة دون غيرها. وأن المصور قد يقرأ الروايات والروائی قد ويدرس التصوير بدنه الصور