صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/121

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

السعادة ...

, أرسل إلى أحد الأدباء مقالا عن السعادة وسألني أن أروى ظمأه وأرشده إلى الحق إن كان قد حاد عن سبيله »

  • * *

وخلاصة مقال الأديب أن السعادة وهم ليس له وجود ، وأن بعض الأشقياء مطبوعون على الشقاء فهم به سعداء ، وأن كل ما يقال عن السعادة إعادة لما قيل .. و يسألني الأديب بعد ذلك ماذا أقول ؟ فلا أدري هل بل سأعيد قديما ما أنا قائل في هذه الصحيفة ، أو أنني مسوغ هذه الإعادة بتصور طريف ! ولكني لا أحسب الكاتب مطالب باختراع الآراء التي لم يسبق إليها ، ولا أری عليه من غضاضة أن يبدي رأيا تقدم أصحاب الآراء بإبداء مثله ، وإنما الشرط أن يصدر عن تجربة ، وأن يروي عن خبرة ، وأن يكون لكلامه لون من نفسه وحسه وتفكيره ، ولا عليه بعد ذلك أن يتشابه ما يقول وما كان قد قيل . والسعادة في رأيي لا استحالة فيها إلا كالاستحالة في كل مطلب من مطالب هذه الدنيا . فأنت إذا أردت كسوة جميلة في نسجها ولونها وتفصيلها " وثمنها ومتانتها فأنت واجدها حيث توجد الكثيرات من أمثالها . أما إذا أردت كسوة هي المثل الأعلى الذي لا يعلى عليه ولا يجاري في جمال النسيج وجمال اللون وجمال التفصيل وسهولة الثمن وطول البقاء فقد أردت المستحيل ، لأنك أردت المثل الأعلى الذي ليس له مثيل ، وهو بطبيعته فوق ما يناله والسعادة إن أردتها سعادة لحظات أو سعادة لذات معهودات فأنت واجدها لا محالة في وقت من الأوقات . عم -۸