صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/112

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

مسألة الفقر

« سألي الأستاذ زكي مبارك عن رأيي في الخلاف القائم على مسألة الفقر بينه و بين الأساتذة : توفيق الحكيم ، سلامه موسی ، ، فكري أباظة و بعض حضرات القراء »

  • * *

من جمعه می وخلاصة هذا الخلاف أن الدكتور زكي مبارك يرجح أن الفقر عقوبة مستحقة على شيء من القصور ، وأن مخالفيه يرجحون أن الفقر غلطة اجتماعية تصيب الناس من خلل في « المجتمع » أكثر من إصابتهم لتقصير في الجهود . وعندنا نحن أن الفقر داء كسائر الأدواء . يصيب المريض به من إهماله كما يصيبه ضعفه الموروث ، ويصيبه مع الحيطة إذا جرى مجرى الوباء الذي تنتشر عدواه ، کا يصيبه مع ترك الحيطة في هذه الحال وفي غيرها من الأحوال وليس في وسع أحد أن يزعم أن ميزان المجتمع سليم من الخلل في توزيع الأرزاق أو تقدير المكافآت على الجهود . ففي كل أمة أغنياء لا يستحقون الغني وفقراء لا يستحقون الفقر ، و إن تفاوت الخلل وتفاوت الجور وتفاوت السعي في الإصلاح . ولست أنا ممن ينكرون فضل البراعة المالية ، لأنها في الحقيقة براعة لازمة لتأسيس المرافق الاجتماعية والأخلاق القومية وتنظيم العلاقات، واستثارة الهم ، وتوزيع الأعمال التي لا يستبحر بغيرها عمران . وقد قلت منذ نحو عشرين سنة حين عرضت للبحث فيما يعاب من أخلاق المرأة خطأ وجه" بالبواعث النفسية : « .. إننا قد نرى للمرأة سبية غير سائر الأسباب التي تغرى بحب المال و إعظام أصحابه : نرى أن كسب المال كان ولا يزال أسهل مسبار الاختبار قوة الرجل وحيلته ، وأدعى الظواهر إلى اجتذاب القلوب والأنظار، واجتلاب الإعجاب والإكبار. فقد كان أغنى الرجال في القرون الأولى أقدرهم على الاستلاب و