صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/102

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

اللعب

قلتم في مقالكم الجميل « الحياة جميلة ، : و ... ولكن جمالها يقتضي أن يكون لنا زعماء اللهو بصحون إدراكنا للحياة ، و يرهقون أذواقنا للجمال، ويهيئون قلوبنا للسرور ، ويشغلون أوقات فراغنا بالمسابقات الرياضية ، والمهرجانات الوطنية ، والسياسات التهرية ، والملاهي الفنية ، والمواكب الشعبية ، وليس أقدر على هذه الزعامة اليوم من وزارة الشئون الاجتماعية و

  • * *

كلام صادق وربما كان أرفع من تقريظه وصف الصدق تقريظه بوصف الجمال . فليس كل صادق بجميل . لكن كم منا نحن المشارقة ، يا أخي ، يؤمن معك بحاجة اللهو إلى زعامة ، وحاجة الأمة إلى دو؟ وكم منهم يؤمن معك بأن زعامة اللهو واللعب لها من الشرف والمنفعة كفاء ما للزعامات في الجد أو في الأمور التي تتراءى صبغة الجد عليها ؟ أقل من القليل أقل من القليل مع هذه الوقائع الناطقة التي تتوالى عليهم كل يوم بفضل الأم التي تحسن اللهو واللعب على الأم التي تتكلف التزمت والوقار . وأقل من القليل تلك الشواهد التاريخية التي ليس يعمي عنها ذو بصيرة تشهد في الدنيا شيئا من الأشياء . فما عرف التاريخ قط أمة أحسنت الجد ولم تحسن اللهو واللعب . وما عرف التاريخ قط أمة من أم القوة والسيادة لم تكن لها ألعاب ولم يكن لها زعماء في هذا المنهار . و ناهيك بالرومان وملاعبهم في كل مدينة وضعوا حجر في بنائها .