صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/96

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
موقف معاوية من قضية عثمان

منها غير صاحب سلطان أقوى من سلطانها، وسلطان من تؤيده وتطيعه على شرطها، فإذا كان معاوية قد طلب ولاية الدم بعد مقتل عثمان؛ فقد طلب ولاية العهد وفارقه وهو يعلم أنه مقتول. وأوشك الخليفة أن يقتل، فإذا نظرنا في أرجاء العالم الإسلامي يومئذ لم نجد أحا أقدر على نجدته من معاوية؛ لأنه الوالي المستقر في ولايته منذ عشرين سنة يقصي عنها كل من يعاديه، ويبقى فيها كل من يواليه، وغيره من الولاة في ذلك العهد بين معزول أو معتزل، أو مهدد في سلطانه، كما هدد الخليفة في عاصمته، ومن كان حول الخليفة من سروات المدينة فليس في وسعه أن ينصره بقوة أقوى من الدولة وحراسها وأشياعها، فإذا جمح السفهاء جماحهم الذي يغلب الدولة على قوتها وهيبتها؛ فحري يصله زاجر ولا ناصح ممن لا يملكون غير الزجر والنصيحة. وأيا كان القول في السروات الآخرين، فواجب معاوية واضح لا لبس فيه، وليس مما يقيله من هذا الواجب أن الخليفة أبي عليه إقامة جيش دائم إلى جواره يرزقه من بيت المال، فإن عمل الجيش الدائم غير عمل النجدة العاجلة، ولا يلام والي الشام على نجدة عاجلة بعد أن طلب الخليفة النجدة من الولاة، ولو أنه كان يلام على ذلك، لكان اللوم أهون عليه من ترك الخليفة لقاتليه يسفكون دمه، وهو معتذر بأمر صدر إليه في حال هذه الحال. لقد كان ذوو الجرأة من المعارضين لعثمان يلقون معاوية بهذا اللوم، كلما أخذهم باللوم؛ لأنهم لم ينصروه، ومن هؤلاء أبو الطفيل عامر بن وائلة الصحابي كما جاء في تاريخ الخلفاء للسيوطي قال له معاوية: ألست من قتلة عثمان؟ قال أبو الطفيل: لا ... ولكنني ممن حضره فلم ينصره. قال: وما منعك من نصرہ؟ قال: لم تنصره المهاجرون والأنصار. فقال معاوية: أما لقد كان حقه واجبا عليهم أن ينصروه. فقال أبو الطفيل: فما منعك يا أمير المؤمنين من نصرہ ومعك أهل الشام؟ 1 سروات: جمع سراة، وسروات القوم: أشرافهم وسادتهم.

۹۵

95