صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/91

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
معاوية بن أبي سفيان

كان معاوية في عهد الفاروق قانا بعطائه السنوي وهو ألف دينار، وكان الولاة والرعية لا يشكون إجحافا ولا محاباة فيما يرجع على أرزاق العمال الكبار والصغار ومنهم الولاة، فلما انقضى عهد الفاروق كثرت الشكوى من تقسيم هذه الأرزاق، ومن إيثار بعض الولاة بالولايات لقرابتهم من الخليفة، وكانت هذه الشكوى إحدى الدعايات التي تذرع بها المشاغبون للثورة التي تفاقمت حتى ذهبت بحياة عثمان.

ولم يكن معاوية يجهل هذه النقمة الفاشية في الولايات، ولكنه على ذلك كتب إلى عثمان يطلب زيادة عطائه، ويطلب غير ذلك أن يقطعة الأرض التي قتل أصحابها من الروم أو تركوها، وهاجروا إلى بلاد غير البلاد المفتوحة من أرض الدولة البيزنطية، وتعلل له بكثرة وقود الأمصار والرسل، وأن هذه الضياع المتروكة لا يؤخذ عليها الخراج، ولا تحسب من أموال أهل الذمة كما جاء في تاريخ ابن عساكر، وكانت هذه الضياع وأمثالها تلحق ببيت المال، وينفق منها على المصالح العامة ومعونة المعوزين وذوي الحاجات، فلما أذن له عثمان بزرعها والانتفاع بثمراتها؛ حبسها على نفسه وعلى آل بيته وخدامه وأعوانه في سياسته، وعمد إلى كل معترض عليه وعلى إنفاقه لهذه الأموال في غير وجوهها، فأقصاه عن الشام وأرسله إلى حيث يشاء من البلاد الإسلامية الأخرى لا يعنيه أن يصنع الشاغبون ما يصنعون في غير ولايته، وهو يعلم أنهم سيشغبون على عثمان حيث ذهبوا وأن عثمان يلقى من الفتنة ما هو حسبه في جواره.

وحديث أبي ذر في الشام معروف ننقل منه ما يدور حول موقف معاوية من عثمان كما جاء في ابن الأثير:

كان أبو ذر يذهب إلى أن المسلم لا ينبغي أن يكون في ملكه أكثر من قوت يومه وليلته، أو شيء ينفقه في سبيل الله، أو يعده الكريم، ويأخذ بظاهر القرآن والذين يرون الدهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فرهم بعذاب أليم فكان يقوم بالشام، ويقول: يا معشر الأغنياء واسوا الفقراء . بشر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك وأوجبوه على الأغنياء، وشكا الأغنياء ما يلقون منهم، فأرسل إليه معاوية بألف

90