صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/78

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.


خليقة أموية


تميزت لبني أمية في الجاهلية وصدر الإسلام خلائق عامة يوشك أن تسمى العمومها بينهم - خلائق أموية، وهي تقابل ما نسميه في عصرنا بالخلائق الدنيوية أو النفعية، ويراد بها أن المرء يؤثر لنفسه ولذويه، ولا يؤثر عليها وعليهم في مواطن الإيثار.

وهذه الخلائق أعون لنا على التعريف بمعاوية من الخلائق التي ينسبها إليه المادحون والقادحون؛ لأن المادحين والقادحين قد يصدرون عن غرض، وقد ينوون الصدق، ولكنهم يخطئون في أمر الرجل الواحد، أما الأخلاق التي تعم قبيلا بأسره في أجيال متتابعة، فهي أصعب تلفيقا على الملفقين، وأصعب خطأ على المخطئين، فإن الإجماع على الخطأ نادر في أخبار الناس كالإجماع على الصواب.

وهذه الخلائق الأموية دنيوية نفعية كما قدمنا، تميل بالمتخلقين بها إلى مناعم الحياة، وتحبب إليهم العيش الرغد والمنزل الوثير1، وتغريهم بالنعم واللذات يغدقونها على أنفسهم وعلى الأقربين، فهي عندهم قسطاس البر بمن يحبون كما يحبون

وقد عرف خيارهم، دينا وصلاحا، بهذه الخلائق الأموية كما عرف بها كثيرون منهم لم يشتهروا بدين ولا صلاح

فما عرف من بني أمية أحد أصلح من عثمان بن عفان وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما، وما تكلم متكلم عن هذين العلمين الرفيعين من بني أمية، فاستطاع أن يسكت

عما طُبعا عليه من حب النعمة، ووجاهة الدنيا على أحسن ما يروى عن الأمويين.

  1. الوثير: الوطيء اللين من الفرش.