انتقل إلى المحتوى

صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/44

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
الدهاء

فقال له معاوية: ما باعد بينه وبينك؟ قال: خافني على شرفه وخفته على شرفه، قال: فماذا له عندك ؟ قال: أسره۲۱ شاهدا وغائبا .» ومضى معاوية على هذه الخطة التي لا تتطلب من صاحبها حظا كبيرا من الحيلة والروية، ولعلها تناقض الدهاء فيما ينكشف من عللها التي لا تدق على فهم أحد، فلو أنه استطاع أن يجعل من كل رجل في دولته حزبا منابدا لغيره من رجال الدولة كافة؛ الفعل، ولو حاسبة التاريخ حسابه الصحيح؛ لما وصفه بغير مفرق الجماعات، ولكن العبرة القارئ التاريخ في زنة الأعمال والرجال أن تجد من المؤرخين من يسمي عامه حين انفرد بالدولة عام الجماعة؛ لأنه فرق الأمة شيا شيعا فلا تعرف كيف تتفق إذا حاولت الاتفاق، وما لبث أن تركها بعده تختلف في عهد كل خليفة شيا شيعا بين ولاة العهود وكانت التفرقة عامة عنده لا يقصرها على الخصوم؛ ليضرب بعضهم ببعض، ويتقي شر فريق منهم بشر فريق، بل كان يتوخى هذه الخطة مقدما ومؤخرا، وبين كل فريقين وعلى كل حال، وفي كل موقف كأنها غرض مقصود لذاته أو كأنها خير «مطلق» لا شر فيه وبدأ بهذه الخطة في السياسة العامة على عهد عثمان، فخص المهاجرين بدعوته قبل مرجعه إلى الشام، وقام بينهم يقول بعد أن دعاه عثمان للمقال: «أما بعد، يا معشر المهاجرين وبقية الشورى، فإياكم أعني وإياكم أريد ثم أتبع ذلك بكلام طويل في معناه، يقول فيه: «يا معشر المهاجرين وولاة هذا الأمر، ولاكم الله إياه فأنتم أهله، وهذان البلدان مكة والمدينة مأوى الحق ومنهاه، وإنما ينظر التابعون إلى السابقين والبلدان إلى البلدين، فإن استقاموا؛ استقاموا، وأيم الله الذي لا إله إلا هو ... لأن صفقت إحدى اليدين على الأخرى؛ لا يقوم السابقون للتابعين، ولا البلدان للبلدين، وليسلبن أمركم ولينقلن الملك من بين أظهركم، وما أنتم في الناس إلا كالشامة السوداء في الثور الأبيض . و و و (... ويروي بعض المؤرخين أنه لما استقر له الأمر، وبويع له بالخلافة، وجاءه وفد الأنصار؛ أمر أن يدعى كل منهم باسمه إلى حضرته بمشورة عمرو بن العاص الذي كره أن يدعی الجمع كله باسم الأنصار، ولكن عمرو بن العاص لم يكن معه إليه حين خص

۲۱ أسره: الأسر القوة وضخامة اللق.

43