صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/41

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
معاوية بن أبي سفيان

على إمامهم بالنهب والسطو السبب من الأسباب كائنا ما كان، بعد ما تقدم من عنت هؤلاء للإمام في حياته وشقاقهم فيما بينهم، واستبداد كل منهم بفتواه في أمر الدين، وأمر السياسة والولاية، فلو لم يكن معاوية على حظ من الدهاء - قل أو كثر - لما استعصى عليه أن يظفر من الحسن بالمصالحة على شروطه فضلا عن المصالحة على الشروط التي أمليت عليه. وما يذكر أحد غير هؤلاء من النابهين المعدودين الذين قصدوا إلى معاوية بالبيعة، أو المؤازرة إلا كان على علم بما يقصده قبل لقاء معاوية، فلا خداع في شأن واحد من هؤلاء المعدودين ولا انخداع. جاءه عبيد الله بن عمر ففرح به فرحا شديدا، وقال لعمرو بن العاص: ما يمنع عبد الله أن يجيئنا كما جاءنا أخوه؟ قال عمرو: إنما جاءك عبيد الله، لأنه يخشى قصاص ابن أبي طالب منه لقتله الهرمزان بغير قضاء، وكان عبيد الله قد قتل الهرمزان؛ لأنه شوهد أبي لؤلؤة قبل مقتل أبيه، وشوهد معه الخنجر الذي حملة أبو لؤلؤة، ووجد بعد مقتل الفاروق، فأشار الإمام بالقصاص منه، وأبي عثمان ذلك؛ لكيلا يقال: قتل عمر بالأمس، ويقتل ابنه اليوم، فلما بويع الإمام بالخلافة في الحجاز خرج عبيد الله إلى معاوية ونادي مع المنادين بثأر عثمان، وقال الإمام في بعض المواقف بين الجيشين: الحمد لله الذي جعلك تطلبني بدم ا الهرمزان، وجعلني أطلبك بلدم عثمان معه النفسك مثلك وذهب عقيل بن أبي طالب إلى أخيه يطلب منه مالا لسداد ديون عليه، فأنظره موعد العطاء له ولسائر أصحاب الأعطية، فتركه وذهب إلى معاوية، فقضى له جميع ديونه، وقال له بعد أيام: أنا خير لك من أخيك ... قال عقيل: صدقت! إن أخي آثر دينه على دنياه، وأنت آثرت دنياك على دينك، فأنت خير لي من أخي، وأخي خير فكل دهاء يذكر لمعاوية فإنما يذكر إلى جانبه رقد، ۱۰ أو عطاء وولاية يستفيد منها من ينصره، ولا ينخدع عنها في مبادلة النفع بينه وبينه، ولا جرم كان العطاء عماد هذا الدهاء، وكان نقش الخاتم الذي تختم به بعد ولايته: «لكل عمل ثواب». ولهذا أعياه كل الإعياء أمر المخالفين الذين لا تعمل فيهم رقية المال والولاية فامتنع عليه عبد لم ينخدع بالدرهم والدينار «وإنما ينخدع الرجال ۱۵ و هوا بن عمر؛ لأنه To رفد: بكسر الراء: العطاء والصلة.

رقية: تعويذة.

40