صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/112

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
النشأة والتكوين

مؤمنان تقیان، كخالد ومعاوية الثاني حفيديه؛ فإن إخفاء البواطن عشرات السنين حيث يعيش المرء على رسلته ۲۰ أمر يفوق طاقة الإنسان.

قلنا في عقيدة صاحبه عمرو بن العاص: إنه «مسلم لا شك في إسلامه، ولا شك في طبعه، ولا شك في اختلاف الطبائع بين المعتقدين جميعا في كل دين من الأديان ورأي من الآراء، فلما فتحت له الحيطة باب التفكير في الإسلام أقبل عليه، وود لو يغنمه بريئا من عقابيل الجاهلية؛ لأنه نفض يديه منها وأيقن بضلالها،»

 

قال وقد أعتزم لقاء النبي - عليه السلام - ما فحواه: «فلقيت خالدا فقلت: ما رأيك ؟ قد استقام المنسم والرجل نبي، فقال خالد: وأنا أريده، قلت: وأنا معك . وكنت أسن منهما فقدمتهما لأستدبر أمرهما، فبايعا على أن يغفر لهما ما تقدم من ذنوبهما، فأضمرت أن أبايعه على أن يغفر لي ما تقدم وما تأخر، فلما بسط يده قبضت يدي، فقال عليه السلام: ما لك يا عمرو؟! قلت: أبايعك يا رسول الله، على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، قال: إن الإسلام والهجرة يجبان ما كان قبلهما، فبايعته، ووالله ما ملأت عيني منه ولا راجعته بما أريد حتى لحق ربه؛ حياء مني.»

وقلنا قبل ذلك: «ومن سيرة عمرو بعد إسلامه تعلم أنه كان يتعبد، ويتصدق ويستغفر من ذنوب وقع فيها، ويقيم الصلاة، ويسرد الصوم، ويعيش بين ذويه مسلماء وكلهم مسلمون،» ويقال في معاوية كل ما يقال في عمرو مع اختلاف الطبائع، وبقاء لوازمه أو ملازماته في أعمق أعماق الطوية على غير وعي من صاحبها؛ حيث يستوحيها مع العقيدة أعماله الظاهرة وسرائره الخفية. ومن حيل الطبع في العلاقة بينه وبين ربه أنها لا تخرج عن وحي سليقته في العلاقة بينه وبين الناس. كان حريصا على أن يبرئ ذمته، ويلقي تبعته بما وسعه من حيلة وحول، وهكذا كان اجتهاده في نفي التبعة عنه بين يدي Yo على رسلته: بكسر الراء: على مهله وفي رفق وأناة عقابيل: العقبولة بالضم واحدة العقابيل لما يثور على الشفة من الحبوب البيضاء في الحمی

۲۹

111