صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/105

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
معاوية بن أبي سفيان

ويجوز مع وهي وراثة طالما هذا كله أن يكون معاوية وارئا بعض الخلق من جده لأمه وغير وارث هذا الخلق منها؛ لأن الوراثة قد تنقطع بين الجنسين، فتكون الخليقة الموروثة في الجدود ولا تكون في الأمهات أما الوراثة التي لا شك فيها، فهي وراثة تكوينه الجسدي من أمه، أشار إليها معاصروه وذكروا فيها أسم أمه، ولم يذكروا اسم أبيه، وقد ترهل من فرط الجسامة في كهولته، ولم يكن لأحد من السفيانيين مثل هذا الترهل في الكهولة أو الشباب وعلاقة هذا التكوين بأخلاقه وأعماله تتضح من سياسته كلها في أيام الخلافة وأيام الولاية من قبلها، فإذا صدق عليها وصف غالب عليها، فوصف السياسة «الجالسة» التي تدير وتدبر وتترك المساعي والزحوف للعاملين المأمورين كان معاوية «أبيض جميلا طويلا أجلح، ۱۲ وقد أصابته لوقة 1 في آخر عمره فكان يستر وجهه .» وروى الطبري بإسناده عن ابن عمرو أنه قال: «ما رأيت أحدا أسود من معاوية،» وسئل: ولا عمر؟ فقال: «كان عمر خيرا منه، وكان معاوية أسود منه.» ونقل عن العوام بن حوشب أنه كان يقول: «ما رأيت أحدا بعد رسول الله و أسود من معاوية: قيل: ولا أبو بكر؟ فقال: كان أبو بكر وعمر وعثمان خيرا منه وهو أسود.» وهذا السؤدد ليس بالغريب من سمات رجل ورث السيادة من أبويه، وناط بها حقه وحق عشيرته في الرئاسة، ودارت مساعيهم وظواهرهم وبواطنهم كلها على هذا السؤدد، وعلى الغيرة عليه جيلا بعد جيل. ۱۲ ( وقدمنا أن هنا كانت تعاف الزنى أنفة ولا تعافه ورعا ونزاهة، ولا نخطئ إذا فهمنا من بعض كلام أبي سفيان أنه كان يتورع عن الكذب بين من يعلم كذبه؛ لأنه يأبى لمروءته يصغره أحد لكذبه، وإن لم يعلن ذلك بلسانه، وهكذا قال حين شئل في بلاد الروم عن النبي - عليه السلام - فإنه سمع سائله يحذره من الكذب، فأنف أن يكذب على مسمع من شهود سكوت؟ ۲۲ أجلح: منحسر شعر الرأس.

۱۲ لوقة: تشويه.

104