صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/104

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
النشأة والتكوين

ولا تدري فقد وصفته هند بأنه رجل «مسيك».. وأنها «كانت تصيب من ماله الهنة والهنة،۱۱ أكان ذلك حلالا لها أم حراما.» وكان أبو سفيان شاهدا، فقال: أما ما أصبت منه فيما مضى ، أما كلام عتبة - في غير ما تقدم من صفات أبي سفيان - فهو من المشهور المتردد في أنباء الجاهلية والإسلام، فقد كان سيدا «موسعا عليه، منظورا إليه في الحسب الحسيب والرأي الأريب، مدره أرومته وعز عشيرته . كما قال عتبة في تخييره لبنته بين الرجلين. فأنت منه في حل، فمعاوية إذن ينتمي إلى أبوين قويين في عشيرة قوية، ولعله ورث من جانب أمه أكثر مما ورث من جانب أبيه، فهو أشبه بها في تكوين جسمه، وأشبه بها في وسامة ملامحه، وأشبه بأصولها المعروفة في خلق الأناة وبطء الغضب، وإيثار المطاولة والمراوغة على المعارك والحروب. فأبوها عتبة كان قائد قريش في وقعة بدر، وكان رأيه الذي أصر عليه، ولم يثنه عنه غير إجماع مخالفيه أن تنصرف قريش من غير قتال، وأن يتركوا كل رجل منهم ومن المسلمين يرجع إلى عشيرته، وينظروا ما عسى أن يكون من شأنهم جميعا بعد ذلك . وقد يرى بعض الناظرين في الوراثة أن المرأة التي اشتهرت باسم «آكلة الأكباد» لم ترث الأناة وبطء الغضب من أبيها، ولم تورث ابنها هذه الخليقة فيما أورثته من خلائقها. وإنه لرأي فيه نظر، أو هو جدير بالنظر، فإن هذه الضراوة ليست من تلك الأناة . ولكننا حريون أن نذكر أن «الغيظ» غير الغضب في دخيلته وفي مدته وأجله فقد يشتهر الإنسان بأنه من أهل «الغيظ، ولا يشتهر بأنه من أهل الغضب، وقد پژول الغضب لساعته، ويبقى الغيظ سنوات في طوية صاحبه. هذا فيما ينطوي عليه الشعوران. وغير هذا أن لوعة المرأة على رجالها تخالف لوعة الرجل على أقرانه، وأن شفاء الغل بأكل كبد القتيل جماح أنثوي لا يضارعه جماح مثله في الرجال، فلعلها في طول الأناة كأبيها أو كابنها، ولكنها في مثل هذه اللوعة لا تشبه هذا ولا ذاك، ولا يشبهها هذا ولا ... ذاك. مسيك: بخيل.

الهنة: الشيء

103