صفحة:مرآة الحسناء.pdf/35

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣١
قافية الباء

فالدهرُ أودع أسرارَ التقلب في
تلك القفارِ التي قامت بها الخربُ
ونقّلِ الخطو حتى يستقرُّ على
مدينةٍ توجتها بالسنى الحقبُ
هناك عاصمةُ الدنيا قداحتجبت
بين الرُبى كغزالٍ حطهُ التعبُ
فيا سقى اللهُ أنطاكيّةً ورعى
تلك الربوعَ التي ترعى بها السحبُ
جناتُ أرضٍ بها من كل فاكهةٍ
زوجانِ يجري عليها كوثرٌ عذبُ
مدينةٌ فاخرت كل البلاد وقد
تعظمت اذ غدت لله تنتسبُ
يا طالما اهتزتِ الدنيا لسطوتها
قدما وأضحت ملوك الأرض تضطربُ
ما هاجمتها الملا الا لقدرتها
فالفرس والروم والاتراك والعرب
كذاك لولا دويُّ الحافلين بها
ما دماها من الزلزال منقلبُ
وربما أنتج الاقلالَ فرطُ غنىً
وكم خرابٍ لهُ عظم البنا سببُ
فبابلٌ بلبلتها كلُّ حادثةٍ
وتدمرٌ دمَّرت أركانها النوَبُ
لكنَّ ذي لم يزل نورُ الجلال على
جبينها كضياءِ الشمس يلتهبُ
ان كان منها اسمُ دين الله قام فكم
لها الوقارُ على كل الورى يجبُ
فيها تشيد للانجيل ركنُ هدىً
قبل الجميع ومنها قد بدا اللقبُ
كذا المدارس قد قامت مراكزها
بها فدار عليها العلمُ والأدبُ
فلا رعى الله قلباً لايميل إلى
إِكرامها فهو قلب ما لهُ نسبُ
هل انت يا أمُّ سوريا أملت لنا
سمعاً لنهديكِ مدحاً كلهُ رطبُ
فنحنُ أَبناؤكُ القدمُ الذين لهم
منكِ الفخار وحسن الأصل والحسبُ
ومن ثداك رضعنا كلَّ مكرمةٍ
فتحتَ ظلكٍ طولَ الدهر نحتجبُ