في هذه المنطقة، وكانت الحرارة فها شديدة تكاد لا تطاق، هاجمتنا الطائرات البريطانية ملقية علينا حمم قنابلها. ولما لم تجد أدنى مقاومة فقد تنهابطت إلى مسافة قريبة من الأرض ثم أصلتنا من رشاشاتها نيراناً حامية، وقد أصابتني شظية في ذراعي الأمن، فنقلت على الاثر بصالون رئيس المهندسين الخاص إلى المستشفي بدمشق. وبعد أن تماثلت للشفاء واستوفيت بعض الراحة علمت بأن السيد شكري القوتلي قد أوقف في خان الباشا، فكان هذا النبأ مثل وقع الصاعقة عليه، إذ كنت أعلم بأن شكري باشا الأيوبي بطل قضية الخان المذكور، الذي اوقف في يونيو ۱۹۱۹، كان غاية في السذاجة، ولذلك لم تقبل جمعية الفتاة ادخاله بين أعضائها رغم الحاح السيد نسيب البكري، كما كنت أعلم بأن السيد نسيب البكري رضي العمل معه وأوصاه بالالتجاء إلى السيد شكري القوتلي اذا ما اضطرته الحال إلى الفرار من دمشق، ومن أجل هذا قوي لدي الاعتقاد بأن سبب توقیف شكري القوتلي انما هو اعترافات الايوبي بعد تعذيبه تعذيبا لا يطاق.
ثم عدت وفي نفسي من الأسي لا يعلمه إلا الله، الى قطعتي، وكانت تعسکر يومئذ في ( بير بيرين ) بعد ( عوجة الحفير ) باتجاه القنال مواصلة العمل لايصال سكة الحديد الى القنال.
وفي أثناء ذلك زار جمال باشا وأركان حربه تلك المنطقة، فاجتمعت بأحد ضباطه المقربين ويدعى جوبان اوغلو زكي. وكان في جملة ما أخبرني أنهم عثروا بين أوراق عبد الحميد الزهراوي، بعد أن أخلي سبيلي من عالیه، برقية بتوقيعي نيابة عن شباب دمشق المثقف راجياً تمسكه مقررات مؤتمر باريس مع التهنئة بعضويته في مجلس الاعيان وهي العضوية التي