الجيش العثماني إلى جهات أخرى. فأرسل جميع ضباط الخدمة المقصورة من خريجي المدارس العالية إلى جهة جناق قلعة، و فيلق الموصل الى القفقاس، وياسين باشا الهاشمي الى جهة الكاربات، فلم يعد بإمكاننا القيام بأي عمل يذكر بعد تشتيت قوانا بسبب ما عثر عليه من المنشورات الصادرة عن حقي العظم باسم الجمعية الثورية العربية، وعدم احتیاط عبد الكريم الخليل.
ولما كان اسمي قد تردد كثيرا على ألسنة بعض الموقوفين في عاليه من غير أن يذكر أحد حقيقة أعمال جمعيتنا، فقد قرر استدعاني رئيس الهيئة التحقيقية بديوان حرب عاليه، فاوقفت يوم الاثنين في ۳ كانون الثاني ۱۹۱٦ وكان ذلك من قبل قائد درك المرکز طاهر افندي واودعت غرفة ضابط الدرك في سراي دمشق يومين كاملين. ولما جاء والدي يزورني عامله القائد المذكور معاملة فظة، قاسية. فأثر ذلك فيه كثير، وكان من أمراء الجيش القدماء، فوقع عن سلم السراي، وكان هذا الحادث سببا في مرضه ثم انتقاله لدار البقاء بتاريخ ١٥شباط سنة ۱۹۱٦ وانا في سجن عاليه. وقد أبلغت وفاته بعد حين بواسطة جميل الألثي رفيقي في السجن.
ولما كنت رتبة يوزباشي في الجيش فقد نقلت الى عاليه بعد يومين مصون الكرامة. وأودعت الغرفة المجاورة لغرفتي شفيق باك المؤيد وسليم بك الجزائري، و كان الأول قد أرسل لحيته ووقف أوقاته على تلاوة القرآن وحفظه، والثاني وهو النحيف جسما لا يفتأ يوقد الفحم في مدفأة من طين اتقاء للبرد القارس. وقد أبلغت لدن وصولي إلى