صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/48

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

كان ابراهيم هاشم مصابًا بالملاريا لم يتمكن من مرافقهم بل قصد متنكرًا بلدته نابلس وبقي مختفيا فيها الى انتهاء الحرب.

أما الباقون فسلكوا طريق الصحراء إلى أن وصلوا الى تبوك فزين لهم شيح عرب الفقير سلوك طريق السكة الحديدية فأخذوا برأيه وركبوا القطار الا أنهم بدلا من يتواروا عن الأنظار جلسوا أمام نوافذ القطار، وحدث أن ضحك الأمير عارف الشهابي فرآه طبيب في المحطة كان يعرف الأمير عارف، لكنه اشتبه بسن الأمير الذهبية، وهي من غير المتعارف به في تلك الجهات، فسعى إلى أن تعرف عليه، ثم اخبر السلطات الحكومية، فألقوا القبض عليهم وساقوم إلى ديوان حرب عاليه العرفي.

وحمل إلي هذا الخبر خفية نسيب البكري في احدى الليالي وعندي نخبة من ضباط أركان حرب جمال باشا يسهرون ويسمرون، وأصانعهم بغية الجسر عن نوايا جمال باشا وجططه نحو العرب، فكان لهذا الخبر أثره العظيم في نفسي.

ولم يلبث موقف جمال باشا من العرب أن تبدى واضحًا جليًا إذ كشف النقاب عن حقيقة نواياه نحوهم، رغم اعترافه الصريح في مذكراته بأنهم أظهروا عظيم التضحية والاخلاص خلال الهجوم على قنال السويس، ولكن هذه التضحية وهذا الاخلاص لم يجديا شفيعا لديه، بل راح یکید کیده للايقاع بالعرب من غير هوادة أو رحمة.

وكان أول ما فعل أنه أمر باعتقال عبد الكريم الخليل وذلك في أواخر حزيران ۱۹۱٥ بعد أن استدعاه من الاستانة ليساعده على تعزيز الروابط بين العرب والترك. وقد تم هذا الاعتقال بحجة أنه تآمر

–٤٢–