صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/45

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

جمال باشا في سورية

ومنذ اليوم الذي غادر فيه جمال باشا الأستانة إلى دمشق طفق يشير بخطبه وشتى تصريحاته، إلى ضرورة تعزيز الصالات بين العرب والترك، والى حسن نوايا الحكومة العثمانية تلقاء البلدان العربية، وقد وقعت هذه التصريحات وتلك الخطب موقعها الطيب في نفوس العرب. ولذا ما كاد جمال باشا يصل إلى دمشق حتى استقبلناه بقلوب ملؤها الحماس، مأخوذين بمظاهره الودية حيال قضيتنا من ناحية ومخافتنا على بلادنا من ناحية أخرى أن تذهب فريسة الاستعمار الغربي فيما اذا كتب النصر الحلفاء.

وقد جاء في أول خطاب ألقاه في العاصمة الأموية ما جعلنا نركن الى حسن نواياه اذ قال : « أؤكد لكم أن الأماني التركية والاماني العربية لا تتعارضان مطلقا، فالترك والعرب ليسوا سوى اخوان في غايتهم الوطنية، وان هذين الشعبين مقضي عليهما بالفناء في اللحظة التي تخاذلان فيها». ولما انتهى من خطابه أنشد الشباب العربي بعض الاناشيد الوطنية الحماسية كنشيد «نحن جند الله شبان البلاد » فاستاء جمال باشا من هذه المطاهر العربية وتناسي ما كان قاله في خطابه ؛ ورغم اضطراره إلى السفر مع حملة قنال السويس وتوجيه معظم جهوده الانجاح هذه الحملة، فقد أصدر أمره بحل كتيبة تدريب الضباط العرب، أي كتيبة ضباط الاحتياط في دمشق.

ولما أن باءت الحملة بالفشل، ونزل بها ما نزل، وأصبح مقر قيادة الجيش الرابع في القدس، حل محله في دمشق فخري باشا قائد الفيلق (۱۳) « الموصل»، باسم وكيل قيادة الجيش الرابع. وكان رئيس أركان

–۳۹–