صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/44

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

بيد أن هذا كله لم يمنع الجمعية من اصدار قرارها بأن غاية العرب الاستقلال حفاظا على كيان البلاد العربية، لا عداء الاتراك، أما اذا كانت البلاد العربية عرضة لخطر الاستعمار الأوروبي فالجمعية تعمل مع أحرار العرب كافة الدفاع عن البلاد العربية جنبا إلى جنب مع الأتراك.

ويرجع معظم الفضل في عوننا على العمل الى تلك الحرية التي كنا تستمتع بها في عهد قائد الجيش الرابع زكي باشا الحلي ؛ ولكن هذا القائد ما لبث ان استبدل بجمال باشا مغادرا سورية إلى ألمانيا ممثلاً للجيش التركي لدى الامبرطورية غليوم الثاني، وذلك في٥ كانون الاول ١٩١٤ وهو اليوم الذي وصل فيه جمال باشا إلى سورية.

أما الأسباب التي حدت بالحكومة العثمانية إلى نقل زكي باشا القائد الركن المثقف فترجع إلى معارضته الشديدة في ارسال حملة إلى مصر، اذ كان يعلم أن هذه الحملة أن يكتب لها التوفيق في مهمته الشاقة نظرًا للعراقيل الكأداء التي ستلاقيها في الصحراء، وخاصة اذا كانت الحملة حملة جيش عصري، وكان لابد لهذه الحملة أن تسلك الطريق عبر صحراء سينا لعدم تمكنها من سلوك الطريق المتاخمة للبحر وهي طريق غزه-العريش نظرا لقوة بريطانيا البحرية وسيطرتها على البحر المتوسط ولما كانت الأستانة خاضعة للنفوذ الألماني، هذا النفوذ الذي لم يرم من ارسال الحملة العثمانية إلى مصر إلا إلى مناوأة انكلترا في هذا القطر أو على الاقل قلة سير السفن في قنال السويس، فقد نقلت الحكومة التركية زكي باشا من سورية إلى المانيا واستبداله بجمال باشا ناظر البحرية، قائد الجيش الرابع.

–۳۸–