انتقل إلى المحتوى

صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/159

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

المعاهدة السورية مستمرة في باريس . وتساهل الفرنسيون بعد مراجعة فيصل لكلمنصو . وكان مما قاله کلمنصو لفيصل : أرجوك بأن تسرع بعقد المعاهدة لأن سواي لن يتساهل معك بقدر ما أفعل . أما التساهل الذي عنده فكان قبول الفرنسيين بأن يدخل نص في المعاهدة يقول بالاتفاق في المستقبل على الصورة التي يتمكن معها المستشارون الستة من القيام بواجباتهم عوضا عن التصريح ، فلم يقبل المفاوض السوري بذلك أيضا ورجع الأمير الى كلمنصو فأوعز بوضع نص جديد يرضاه الامير ، وتم الاتفاق على المشروع الذي سمي بمشروع فيصل - كلنصو، وقد وافق عليه جميع المستشارين الذين كانوا بمعية الأمير بعد أن رأوا أن من المتعذر أن تقبل فرنسا بأقل من ذلك . فقاومتُ هذا الاتجاه مقاومة شديدة حتى أن الأمير أمين آرسلان ، وهو رجل طيب القلب ، طلب اخراجي من معية الأمير واعادتي لسورية ، على أن امنع من الاتصال بأحد . فلم أجد أمامي إلا حسني البرازي الذي أمَّ باريس للتوسع في دراسة الحقوق لاقناعه بأن كل اتفاق مع فرنسا سيما اذا كان يمنحها حقوقاً عسكرية هو الاستعمار بنفسه مهما كانت النصوص ، وضربت له مثلا خطتها التعسفية في كافة مستعمراتها ، وما وصلت اليه حكومة المغرب الاقصى وتونس بنتيجة توقيع اتفاق مع فرنسا ، ظاهره معسول مقبول ، وفي خفاياه ما يستعاذ منه ، لأن تلك البلاد بعد توقيع الاتفاق أصبحت في ادارتها كبقية المستعمرات ، لا حول ولا سلطة للتشكيلات الوطنية القائمة فيها ، فلم يخيب حسني البرازي ظني ، وكان يرافقني ويؤيدني كلما استنجدت به . وقد رفعت ما وصلت اليه حال المفاوضات الى جلالة الملك حسين في مكة، والى أعضاء الهيئة المركزية لجمعية الفتاة في دمشق ، أستحثهم على تأييد وجهة نظري. ١٠٣ -