متطلعين إلى الأخذ عنها ، ولا سيما بعد اعلان الدستور عام ۱۹۰۸، اذا سيطرت النعرة الطورانية على الشبيبة التركية الاتحادية ، لم يعودوا ينظرون إلى العرب کاخوان في الدين ، بل مستعبدين مستعمرين . وكان لا هذه الروح العنصرية العنيفة من أثر تتجلى فيه الله الخليفة . وقد تمكن الاتحاديون من تحقيق حلمهم ، فخلعوا السلطان عبد الحميد وأعلنوا الدستور عام ۱۹۰۸ ، وبذلك قضوا على آخر خليفة كان ينظر إلى العرب نظرته الى اخوان في العقيدة الإسلامية – وكان ذلك من دواعي سياسته كخليفة للمسلمين – فيذر الرماد على الروح الوطنية الجياشة في صدور مثقفي العرب.
ثم شرع الاتحاديون يناهضون العرب مستغلين حفاوة الشعب باعلان الدستور ؛ وان أنس لا أنس حادثة مر بي في الاستانة ، وهو من أوثق الأدلة على الشعور العدائي الموجه ضد العرب . فبينما كنت أسير مع زميل الدراسة عوني عبد الهادي عقب اعلان الدستور ، شاهدت جمهور غفير من الاهلين أمام ضابط يدعى مري بك وقد قام يخطب فوق عجلة متمنيا محسنات الدستور وامجاده ، ثم ما لبث أن انتقل الى التحامل على كبار الموظفين العرب السابقين ، كأن يقول : « الخائن عسب عزة والخائن عرب أبو الهدى 1 الخ... وقد عجبت أيما عجب لهذا التحامل المغرض؛ أفلم يكن بين رجال الحكم البائد طائفة كبيرة من الاتراك فلما لم يندد الخطيب واحد منهم مثل ما تندد بالشخصيتين العربيتين ؟ واذا كان يندد بهما لشخصهما فل يعمد الى ذكر قومیتهما ؟.
- ↑ يقصد عزة باشا العابد وأبو الهدى الصيادي وكان الأول سكرتير عبد الحميد الثاني والثاني شيخه المقرب اليه.