مقالة في معاني العقل مبادي المتعقل والداهي فيما سبيله أن يستنبط من الامور الارادية التي من شأنها أن تؤثر أو تجتنب .. ونسبة هذه القضايا الى ما يستنبط بالتعقل كنسبة تلك القضايا الأول التي هي مذكورة في كتاب البرهان الى ما يستنبط بها وكما أن تلك المبادي لاصحاب العلوم النظرية يستنبطون بها ما شأنه من الامور النظرية أن يعلم ولا يغفل كذلك هذه المبادى للمتعقل والداعي فيما شأنه ان يستنبط من الأمور الارادية العملية.. وهذا العقل المذكور في المقالة السادسة من كتاب الاخلاق بتزايد مع الانسان طول عمره فتتمكن فيه تلك القضايا وينضاف اليها في كل زمان قضايا لم تكن عنده فيما تقدم قبل ويتفاضل الناس في هذا الجزء من النفس الذي سماه عقلا تفاضلا متفاوتاً .. ومن تكاملت فيه هذه القضايا في جنس ما من الامور صار ذا رأي في ذلك الجنس ومعنى ذي الرأي هو الذي اذا أشار بشيء ما قبل رأيه ذلك من غير أن يطالب بالبرهان عليه ولا يراجع وتكون مشوراته مقبولة وان لم يقم على شيء منها برهاناً ولذلك قلما يصير الانسان بهذه الصفة الا اذا شاخ لاجل حاجة هذا الجزء من النفس الى طول التجارب الذي ليس يكون الا في طول الزمان ولان يتمكن فيه من تلك القضايا ... والمتكلمون يظنون بالعقل الذي يرددونه فيما بينهم انه هو العقل الذي ذكره ارسطو طاليس في كتاب البرهان ونحو هذا يؤمون ولكنك إذا استقريت ما يستعملونه من المقدمات الأول تجدها كلها مقدمات مأخوذة من بادي الرأى المشترك فلذلك صاروا يؤمون شيئاً 1
صفحة:مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي.pdf/86
المظهر