انتقل إلى المحتوى

صفحة:مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي.pdf/75

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

كتاب الجمع بين رأبي الحكيمين فأكون داخلا في ذاتي وراجعاً اليها وخارجاً من سائر الاشياء سواي كون العلم والعالم والمعلوم جميعاً فأرى في ذاتي من الحسن والبهاء ما بقيت متعجباً فاعلم عند ذلك الى من العالم الشريف جزء صغير فاني لمحبي فاعل فلما أيقنت بذلك ترقيت بذهنى من ذلك العالم الى العالم الالهي فصرت كأني هناك متعلق بها فعند ذلك يلمع لى من النور والبهاء ما تكل الألسن عن وصفه والآذان عن سمعه فاذا استغشانى في ذلك النور و بلغت طاقتي ولم أقو على احتماله هبطت الى عالم الفكرة فاذا صرت الى عالم الفكرة حجبت عنى الفكرة ذلك النور وتذكرت عند ذلك أخي إيرقليطوس من حيث أمر بالطلب والبحث عن جوهر النفس الشريفة بالصعود الى عالم العقل .. هذا في كلام له طويل يجتهد فيه ويروم بيان هذه المعاني اللطيفة فيمنعه العقل الكياني عن ادراك ما عنده وإيضاحه فمن أراد أن يقف على يسير ما أوموا اليه فان الكثير منه عسير و بعيد فليلحظ ما ذكرناه بذهنه ولا يتبع الألفاظ متابعة تامة لعله يدرك بعض ما قصد بتلك الرموز والالغاز فانهم قد بالغوا واجتهدوا .. ومن بعدهم الى يومنا هذا ممن لم يكن قصدهم الحق بل كان كدهم العصبية وطلب العيوب فحرفوا وبدلوا ولم يقدروا مع الجهد والعناية والقصد التام على الكشف والإيضاح فانا مع شدة العناية بذلك تعلم انا لم نبلغ من الواجب فيه الا أيسر اليسير لأن الأمر في نفسه صعب ممتنع جدا