كتاب الجمع بين رأبي الحكيمين غير ما نتخيله ونتصوره ٣٥ ومما يجري هذا المجري أقاويل أفلاطون في كتاب طماوس من كتبه في أمر النفس والعقل وان لكل واحد منهما عالماً سوى عالم الآخر وان تلك العوالم متتالية بعضها أعلى وبعضها أسفل وسائر ماقال مما أشبه ذلك ومن الواجب أن تتصور منها شبه ما ذكرناه انه انما يريد بعالم العقل حيزه وكذلك بعالم النفس لا ان للعقل مكانا والنفس مكاناً والباري تعالى مكاناً بعضها أعلى وبعضها أسفل كما يكون للاجسام فان ذلك مما يستنكره المبتدون بالتفلسف فكيف المرتاضون به وانما ريد بالأعلى والأسفل الفضيلة والشرف لا المكان السطحي وقوله عالم العقل انما هو علي ما يقال عالم الجهل وعالم العلم وعالم الغيب ويراد بذلك حيز كل واحد منها وكذلك ما قاله من افاضة النفس على الطبيعة وافاضة العقل علي النفس انما أراد به افاضة العقل بالمعونة في حفظ الصور الكلية عند احساس النفس بمفصلاتها والتفصيل عند احساسها بمجتمعاتها وتحصيلاتها ما يودعه اياها من الصور الدائرة الفاسدة وكذلك سائر ما يجري مجراها من معونة العقل للنفس .. واراد بافاضة النفس للطبيعة ما تفيدها من المعونة والانسياق نحو ما ينفعها مما به قوامها ومنه التذاذها والتلطف بها وسائر ما أشبه ذلك .. وأراد برجوع النفس الى عالمها عند الاطلاق من محبسها أن النفس ما دامت في هذا العالم فاتها مضطرة الى مساعدة البدن الطبيعي الذي هو محلها كانها تشتاق الى
صفحة:مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي.pdf/73
المظهر