انتقل إلى المحتوى

صفحة:مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي.pdf/67

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

كتاب الجمع بين رأبي الحكيمين ٢٩ يعتقد نفي الصانع وقدم العالم ولا مونيوس رسالة مفردة في ذكر أقاويل هذين الحكيمين في إثبات الصانع استغنينا لشهرتها عن أحضارنا اياها في هذا الموضع ولولا ان هذا الطريق الذي يسلكه في هذه المقالة هو الطريق الأوسط فمتى ماتنكبناه كنا كمن ينهي عن خلق ويأتي بمثله لأفرطنا في القول و يينا انه ليس لاحد من أهل المذاهب والنحل والشرائع وسائر الطرائق من العلم بحدوث العالم واثبات الصانع له وتلخيص أمر الإبداع مالارسطو طاليس وقبله لافلاطون ولمن يسلك سبيلهما وذلك ان كل ما يوجد من أقاويل العلماء من سائر المذاهب والنحل ليس يدل على التفصيل الأعلى قدم الطبيعة وبقائها ومن أحب الوقوف على ذلك فلينظر في الكتب المصنفة في المبدآت والأخبار المروية فيها والآثار المحكية عن قدمائهم ليري الأعاجيب عن قولهم بأنه كان في الاصل ماء فتحرك واجتمع زبد وانعقد منه الارض وارتفع منه الدخان وانتظم منه السماء ثم ما يقوله اليهود والمجوس وسائر الامم مما يدل جميعه على الاستحالات والتغاير التي هي اضداد الابداع وما يوجد الجميعهم مما سيؤول اليه أمر السموات والأرضين من طيبها ولفها وطرحها في جهنم وتبديدها وما أشبه ذلك مما لا يدل شيء منه على التلاشي المحض ولولا ما أنقذ الله أهل العقول والأذهان بهذين الحكيمين ومن سلك سبيلهما ممن وضحوا أمر الابداع بحجج واضحة مقنعة وانه ايجاد الشيء لا عن الشيء وان كل ما يتكون من شيء ما فانه يفسد لا محالة إلى