كتاب الجمع بين رأبي الحكيمين ۲۱ التنقل من خلق الى خلق أسهل وفي بعضهم أعسر على ماصرح به في كتابه المعروف بنيقوماخيا الصغير فانه عد أسباب عسر التنقل من خلق الى خلق وأسباب السهولة كم هي وما هي وعلى أي جهة كل واحد من تلك الاسباب وما العلامات وما الموانع فمن تأمل تلك الأقاويل حق التأمل وأعطى كل شيء حقه عرف أن لا خلاف بين الحكيمين في الحقيقة وانما ذلك شيء يخيله الظاهر من الأقاويل عند ما ينظر في واحد واحد منها على انفراده من غير أن يتأمل المكان الذي فيه ذلك القول ومرتبة العلم الذي هو منه وههنا أصل عظيم الغناء في تصور العلوم وخصوصاً في أمثال هذه المواضع وهو انه كما ان المادة مهما كانت متصورة بصورة ما ثم حدثت فيها صورة أخرى صارت مع صورتها جميعاً مادة للصورة الثالثة الحادثة فيها كالخشب الذى له صورة يباين بها سائر الأجسام ثم يجعل منها ألواح ثم يجعل من الألواح سرير فان صورة السرير من حيث حدثت في الألواح الالواح مادة لها وفي الالواح التي هي مادة بالاضافة الي صورة السرير صور كثيرة مثل الصور اللوحية والصور الخشبية والصور النباتية وغيرها من الصور القديمة كذلك مهما كانت النفس المتخلقة ببعض الأخلاق ثم تكلفت اكتساب خلق جديد كان الاخلاق التي معها كالاشياء الطبيعية لها وهذه المكتسبة الجديدة اعتيادية ثم ان مرت على هذه ودامت على اكتساب خلق ثالث صارت تلك بمنزلة الطبيعية وذلك بالاضافة الى الى هذه الجديدة المكتسبة فمهما رأيت أفلاطون أو غيره يقول ان
صفحة:مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي.pdf/59
المظهر