كتاب الجمع بين وأبي الحكيمين والبرهان في جزء جزء مما توجبه القسمة ليكون كالتابع والمتمم والمساعد والناصح .. ومن تدرب في علم المنطق وأحكم علم الآداب الخلقية شرع في الطبيعيات والالهيات ودرس كتب هذين الحكيمين يتبين له مصداق ما أقوله حيث يجدهما قد قصد اتدوين العلوم بموجودات العالم واجتهدا في إيضاح أحوالها على ما هي عليه من غير قصد منهما لاختراع واغراب وإبداع وزخرفة وتشويق بل لتوفية كل منهما قسطه ونصيبه بحسب الوسع والطاقة واذا كان ذلك كذلك فالحد الذي قيل في الفلسفة انها العلم بالموجودات بما هي موجودة حدصحيح يبين عن ذات المحدود ويدل على ماهيته فأما أن يكون رأي الجميع أو الاكثرين واعتقادهم في هذين الحكيمين انهما المنظوران والامامان الميرزان في هذه الصناعة سخيفاً مدخولا فذلك بعيد عن قبول العقل إياه واذعانه له اذ الموجود يشهد بضده لأ نا نعلم يقيناً انه ليس شيء من الحجج أقوى وأنفع وأحكم من شهادات المعارف المختلفة بالشئ الواحد واجتماع الآراء الكثيرة اذ العقل عند الجميع حجة ولأجل أن ذا العقل ربما يخيل اليه الشئ بعد الشيء على خلاف ما هو عليه من جهة تشابه العلامات المستدل بها على حال الشئ احتيج إلى اجتماع عقول كثيرة مختلفة فمهما اجتمعت فـلا حجة أقوى ولا يقين أحكم من ذلك ثم لا يغرنك وجود أناس كثيرة على آراء مدخولة فان الجماعة المقلدين لرأي واحد المدعيين لامام يؤمهم فيما اجتمعوا عليه بمنزلة عقل واحد والعقل الواحد ربما يخطئ في
صفحة:مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي.pdf/41
المظهر