انتقل إلى المحتوى

صفحة:مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي.pdf/39

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين
١


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لواهب العقل ومبدعه . ومصور الكل ومخترعه . كفى احسانه القديم وافضاله ، والصلاة على سيد الأنبياء محمد وآله

أما بعد فانى لما رأيت أكثر أهل زماننا قد تحاضوا وتنازعوا في حدوث العالم وقدمه وادعوا أن بين الحكيمين المقدمين المبرزين اختلافاً في اثبات المبدع الأول . وفي وجود الأسباب منه وفي أمر النفس والعقل . وفي المجازاة علي الأفعال خيرها وشرها. وفي كثير من الأمور المدنية والخلقية والمنطقية أردت في مقالتي هذه أن أشرع في الجمع بين رأيهما والابانة عما يدل عليه فحوى قوليهما ليظهر الاتفاق بين ما كانا يعتقدانه ويزول الشك والارتياب عن قلوب الناظرين في كتبهما وأبين مواضع الظنون ومداخل الشكوك في مقالاتهما لأن ذلك من أهم ما يُقصد بيانه وأنفع ما يراد شرحه وإيضاحه اذ الفلسفة حدها وماهيتها انها العلم بالموجودات بما هي موجودة

وكان هذان الحكيمان هما مبدعان للفلسفة ومنشتان لأوائلها وأصولها ومتممان لأواخرها وفروعها وعليهما المعول في قليلها وكثيرها واليهما المرجع في يسيرها وخطيرها وما يصدر عنهما في كل فن انما هو الأصل.