٦٢ فيما ينبغي ان يقدم قبل تعلم الفلسفة المنطق اذ كان الآلة التي تمتحن الحق من الباطل في جميع الأشياء وليس ينبغي أن يرذل واحد من هذه الأراء وذلك انه ينبغي قبل الدرس لعلم الفلسفة أن تصلح أخلاق النفس الشهوانية كما تكون الشهوة الفضيلة فقط التي هي بالحقيقة فضيلة لا التي تتوهم انها كذلك أعنى اللذة والمحبة الغالبة وذلك يكون باصلاح الأخلاق لا بالقول فقط لكن بالأفعال أيضاً ثم يصلح بعد ذلك النفس الناطقة كما تفهم منها طريق الحق التي يؤمن معها الغلط والوقوع في الباطل وذلك يكون بالارتياض في علم البرهان والبرهان على ضربين منه هندسي ومنه منطقى وكذلك ينبغي أن يؤخذ أولا من علم الهندسة مقدار ما يحتاج في الارتياض في البراهين الهندسية ثم يرتاض بعد ذلك في علم المنطق (٤) وأما الغاية التي يقصد اليها في تعلم الفلسفة فهي معرفة الخالق تعالى وأنه واحد غير متحرك وأنه العلة الفاعلة لجميع الاشياء وأنه المرتب لهذا العالم بجوده وحكمته وعدله .. وأما الأعمال التي يعملها الفيلسوف فعي التشبه بالخالق بمقدار طاقة الانسان (٥) وأما السبيل الذي ينبغي أن يسلكها من أراد تعلم الفلسفة فهي القصد الى الاعمال و بلوغ الغاية .. والقصد الى الاعمال يكون بالعلم وذلك ان تمام العلم العمل و بلوغ الغاية في العلم لا يكون الا بمعرفة الطبائع لانها أقرب الى فهمنا ثم بعد ذلك الهندسة .. وأما بلوع الغاية في العمل فيكون أولا باصلاح الانسان نفسه ثم باصلاح غيره ممن في منزله أو في مدينته
صفحة:مجموعة فلسفة أبي نصر الفارابي.pdf/100
المظهر