وكان صاحب الترجمة حليما سليم الصدر سالما من الغش والمقت، صابرا على الفاقة والفقر، ملازما للعبادات والتهجد، والاشتغال بالدروس العامة والخاصة كافا لسانه عما لا يعنيه مع وجاهة نيرة، ولم يزل مستقيما على حالته الحسنة المرغوبة إلى أن مات.
قرأ عليه الوالد مدة ولازمه وأخذ عنه وأجازه، ولما حج الوالد في سنة سبع وخمسين ومائة وألف كان هو أيضا حاجا في تلك السنة فأقرأ كتاب صحيح البخاري في الروضة المطهرة وأعاد له الدرس الوالد وقد أجاز الوالد نثرا ونظما فالنظم قوله:
وكان ينظم الشعر، وشعره شعر علماء لأنهم لا يشغلون أنفسهم به كما قال ابن بسام: إن شعر العلماء ليس فيه بارقة تسام وجعل الشهاب أن أحسن بعض أشعارهم من قبيل دعوة البخيل أو حملة الجبان وقال الأمين في نفحته: قلت علة ذلك أنهم يشغلون أفكارهم بمعنى يعنى، والشعر وإن سموه ترويح الخاطر لكنه مما لا يثمر فائدة ولا يغني1 وشتان بين من تعاطاه في الشهر مرة وبين من أنفق في تعاطيه عمره انتهى.
- ↑ هذه تسلية العلماء، وحديث " إن من الشعر حكمة " محفوظ عند الجميع.