صفحة:في ظلال القرآَن (1953) - سيد قطب.pdf/9

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

في ظلال القرآن

عنوان لم أتكلفه، فهو حقيقة عشتها في الحياة .. فبين الحين والحين كنت أجد في نفسي رغبة خفية في أن أعيش في ظل القرآن فترة، أستروح فيها ما لا أستروحه في ظل سواه. فترة تصلني بالسماء، وتفتح لي فيها نوافذ مضيئة وكوى مشعة؛ وهي في الوقت ذاته تثبِّت قدميّ في الأرض، وتشعرني أنني أقف على أرض صلبة، لا تدنسها الأوحال، ولا تزل فيها الأقدام.

وكانت، تعن لي في هذه الجولات خواطر متناثرة: خواطر في العقيدة، وخواطر في النفس، وخواطر في الحياة، وخواطر في الناس .. كنت أكتفي بأن أعيشها ولا أسجلها، فقد كان حسبي أن أعيش هذه اللحظات في تلك الظلال.


فلما أن صدرت « المسلمون » وكان على أن أشترك في تحريرها بمقال شهري؛ ووَدّ صاحبها الصديق أن لو كان هذا المقال في موضوع مسلسل، أو تحت عنوان دائم .. قفز إلى ذهني هذا العنوان: « في ظلال القرآن » ووددت لو سجلت هذه الخواطر التي تتوارد على أحيانا وأنا أحيا في ظل القرآن.

ذلك كان مبدأ القصة ..

ثم طمحت الرغبة، وامتد الأفق إلى محاولة أخرى .. ماذا لو عشت فترات في ظل هذا القرآن كله، فسجلت كل ما يخالج نفسي، وأنا أستروح هذا الجو العلوي الطليق؟