صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/91

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

و "

فأحسب أتميز عليكم ، أن الله سبحانه وتعالى يكره من عبده أن يراه متميزا بين أصحابه .

وابی ، و المسلمون يعملون في حفر الخندق حول المدينة ، الا أن يعمل معهم بيديه ، ولولا أنها سنة حميدة يستنها للرؤساء في حمل التكاليف الأعفی نفسه من ذلك العمل و أعفاه المسلمون منه شاکرین - وجعل قضاء حوائج الناس أمانا من عذاب الله أو كما قال : « أن الله تعالی عبادا اختصهم بحوائج الناس ، يفزع اليهم الناس في حوائجهم . أولئك الآمنون من عذاب الله ».

وقد كان أعلم الناس أن الأعمال بالنيات ، ولكنه علم كذلك و ان الأمير أذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم » فوكل الضمائر الى اصحابها والى الله ، وحاسب الناس بما يجدي فيه الحساب.

سمع خصومة بباب حجرته ، فخرج اليهم قائلا : إنما أنا بشر وانه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض أنه صدق ، فأقضي له بذلك ، فمن قضيت له بحق مسلم فانما قطعة من النار فليأخذها أو فليتر کھا .

واليوم يكثر اللاغطون ١ بحرية الفكر ، و يحسبونها کشفا من كشوف الثورة الفرنسية وما بعدها ، ويحرمون على الحاكم أن يؤاخذ الناس بما فكروا به ما لم يتكلموا أو يعملوا ويكن في كلامهم وعملهم ما يخالف الشريعة ..

فهذا الذي يحسبونه کشفا من كشوف العصر الأخير قد جرى عليه حكم النبي قبل أربعة عشر قرنا ، وشرعه لأمته في أحاديثه حيث قال عليه السلام : « إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به ».

وزعموا كذلك أن تقديم الرحمة على العدل في تطبيق الشريعة دعوة من دعوات المسلحين المحدثين لم يسبقوا اليها وهي هي دعوة النبي العربي التي كررها ولم يدع قط الى غيرها فقال : و أن الله تعالى لما خلق الخلق كتب بيده على نفسه ، أن

رحمتي تغلب غضبي ، وقال : « أن الله تعالی رفیق ، يحب الرفق

  1. اللغط : الصوت والجلبة

۹۱