صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/3

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

وكان أحب الناس اليه : أحسنهم خلقا ، وأكثرهم أدبا، وأقومهم سلوكا .. « اإِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ، وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي منازل يوم القيامة : أحَسانُكُمْ أَخْلَاقًا .. الموطأون أكنافا .. الذين يألفون ويؤلفون » !!.

وكان ارفع وسام لرسول ، واسمي وصف النبي .. ما جاء في محكم التنزيل : « وانك لعلى خلق عظيم »

ومما لا ريب فيه ، أن اخلاقياته وشمائله - عليه أفضل صلاة وأزکی تسليم - قد انعكست على أصحابه ، وتأصلت في هديه ، وكانت الصوت العالي في دعوته ، والنور الساطع المشع من رسالته ، فعمت ، واستمرت - ولو لم ينخلق بها المعرضون - وكفاها ... انها اخلاق محمد .. أو اخلاق القرآن واما عن الدعوة في عمومها وشمولها : _ نكانت نورا بدد الظلام .. وعدلا مسخ الظلم .. وأملا أطاح باليأس .. وفيضا بعد جفاف .. وارتواء بعد صدى .. حددت الداء ، ووصفت الدواء ، ليسلم الناس .. كل الناس ، وتسعد البشرية .. في ظل القيم الاسلامية ، وتتخطى حواجز الخلل التي ابعدتها عن فطرتها ، ونات بها عن قيمتها ، وتحيا في جو من الانسانية .. يؤمن بانسانية محمد .. وعظمة محمد .. وعبقرية محمد . والعبقرية ، صفة خلعها الكتاب ، والأدباء ، والباحثون ، علي كل حانق بارع في فن من الفنون ولو قارنا بين عبقرية محمد .. وعبقرية غيره : لوجدنا أن عبقرية غيره قد انحصرت في جانب من الجوانب ، أو اتجاه من الاتجاهات في مدلولها .. محدودة في آناتها .. قاصرة عن عموم النفع ، وشمول الاصلاح .. اما عبقرية محمد : فقد برزت في كل مناحي القيادة ، والاخلاق ، والدعوة ، بل في كل مناحي الحياة .. مما جعلها عبقرية شامخة وفريدة وصلت في شموخها عنان السماء ، فلو تدانت منها غيرها لهوت ، ولو حلقت اليها غيرها لسقطت ومن هنا ... ظهرت « عبقرية » العقاد في كتابه عن « عبقرية محمد »، والأستاذ العقاد : مشهود له بالالمعية والذكاء ، وهو غني من التعريف ، ولا يحتاج الى أضواء تسلط عليه .. فقد عودنا ان يكون هو المسلط للاضواء . بيد اننا نريد ان نقول : ان الاستاذ العقاد قد تصدى في هذا الكتاب للدفاع عن رسول الله ، والذود عن شرعته ، والرد على شانئيه ممن اجترأوا على مناواته ، والاتيان بالبرهان تلو البرهان : على اثبات عظمته ، وعظمة دعوته ، وقدسية رسالته ، وسمو عبقريته وهل يفعل ذلك .. الا محب غيور ، وحاذق هصور و « عبقري » بلا تطاول ولا غرور ؟؟ لقد تناول الكشف عن عبقرية محمد في قوله وفعله ، بل في سكوته وفكره .. فأفاد .. واجاد ، واستعرض فأبدع ، واستقصی فأشبع، وتألقت غيرته على محمد - صلى الله عليه وسلم - في رد سهام مناوئيه الى نحورهم ، واقحامهم في كل باطل من دعاويهم .. وقف لهؤلاء اللاغطين والمغالطين بالمرصاد ، وتعقبا كل لغط لهم وغلط: