صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/28

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
  • إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ * تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى * الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَىٰ1 * وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى . فلا جبن إذن، ولا طمع في إسلام عمر بن الخطاب، بل رحمة وإنابة 2 واعتذار ..

ولم يكن في اسلام الفقراء الذين هم أقل من عمر ناصرا، وأضعف منه بأسا 3 جبن ولا طمع، لأنهم تعرضوا باسلامهم للسيف ولم يخضعوا للسيف حين أسلموا لله ورسوله، وما كفر الذين كفروا لزهد ولا شجاعة فيقال إن الذين سبقوهم إلى الإسلام قد فعلوا ذلك لشغف بلذات الجنة وجبن عن مواجهة القوة ولكنهم اختلفوا حيث تطلب طهارة السيرة وصلاح الأمور، فمن كان أقرب إلى هذه الطلبة من غني أو فقير ومن سيد أو مستعبد فقد أسلم، ومن كان به زيغ 4 عنها فقد أبى 5 .. وهذا هو الفيصل القائم بين الفريقين قبل أن يتجرد للإسلام سيف يذود 6 عنه، وبعد أن تجرد له سيف تهابه السيوف. وما يقسم الطائفتين أحد فيضع أبا بكر وعمر وعثمان في جانب اللذة والخوف، ويضع الطغاة من قريش، في جانب العصمة والشجاعة إلا أن يكون به هوى كهوى الكفار من قريش، في الإصرار والإنكار.

إنما نجحت دعوة الإسلام لأنها دعوة طلبتها الدنيا ومهدت لها الحوادث، وقام بها داع تهيأ لها بعناية ربه وموافقا أحواله وصفاته ..

فلا حاجة بها إلى خارقة ينكرها العقل أو إلى علة عوجاء يلتوي بها ذوو الأهواء، فهي أوضح شيء فهما لمن أحب أن يفهم، وهي أقوم شيء سبيلا لمن استقام .


  1. الثرى: التراب الندي
  2. رجوع
  3. قوة وشدة
  4. ضلال
  5. رفض
  6. يدافع
۲۸