أحمد الحق تبارك وتعالى ، واصلي واسلم على خاتم أنبيائه ورسله :
خير خلق الله ، وأحب عباد الله الى الله .. محمد بن عبد الله ... صلاة
وسلاما يليقان بمقامه الكريم، وصلاة وسلاما على سائر اخوانه من النبيين
والمرسلين، وصلاة وسلاما على اصحابه والتابعين ، وصلاة وسلاما على كل
دعا بدعونه اليوم يوم الدين .
وبعد :
فان الكتابة في رسول الله ، والقراءة عن رسول الله ، عمل تهنأ به النفس ، وينشرح له الصدر ، ويتفتح معه القلب ، ويأخذ بمجامع اللب ، وتستريح في ظله الخواطر ، وتتسع في رحابه الابصار والبصائر . وكيف لا ؟ ومحمد وحده نبع صافي ، وري شافي ، وهدي كافي ، وسيرته العطرة لا ينضب معينها ، ولا يجف مدادها ، لأنها متلاحمة مع كلمات الله : ﴿قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾
وكيف لا ؟ وهو مثال الانسانية الكاملة ، وملتقى الأخلاق الفاضلة ، وحامل لواء الدعوة العالمية الشاملة !!
اما انسانيته : فقد ولدت معه ، ولازمته في أطوار حياته ، وميزته على سائر أقرانه ولدانه ، وصانته من كل زلل ، وحمته من كل شطط ، ودفعته دائما الى الخير، ومثالية السلوك .
فكان نبنة رطبة بين قلوب قد قست ، وطباع قد غلظت ، وعواطفه قد جفت ، ومشاعر قد تلبدت ، وعقول قد تحجرت ...
وكان زهرة نضرة وسط غابة من الاشواك ، في اطرافها حدة ، وفي جذوعها خشونة وغلظة ، وفي لمسها اذى وايلام ...
وكان شجرة سامقة مثمرة ظليلة ، وسط صحراء قاحلة ، وفلاة مجدبة ... وهو في حالاته الثلاث : كثير النفع .. عظيم العطاء ..
ولا عجب اذن - قبل أن يكولا رسلا - ان سلطت عليه الأضواء ، ولم تتنازع في انسانيته الأهواء ، وانتزع - عن جدارة - من بين القلوب الغلاظ ، والالسنة الحداد ، اعترافا بعفة نفسه ، وعذوبة حسه ، وسمو سلوكه ، وعلو انسانيته ... فكان الصادق الأمين !
واما اخلاقه : فكانت مستمدة من عند الله ، فهو - سبحانه - الذي صنعه على عينه ، وأدبه فأحسن تأديبه ، وجعله بشرا سويا ، وخلقا رضيا ، وكيف لا ؟ وقد سئلت أم المؤمنين عائشة - رضوان الله عليها - عن أخلاقه، فاجابت : « كان خلقه القرآن »
وهل القرآن الا كتاب الله ، وهدي السماء ؟؟
وكيف لا ؟ – ايضا - والهدف من رسالته ، والغاية من دعوته ، ما انصح عنه في عبارته : « انما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق » .