صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/154

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

. اليس محمد نبيا على وجه من الوجوه ؟ » ثم أجاب قائلا : «انه على اليقين لصاحب فضيلتين من فضائل الأنبياء : فقد عرف حقيقة عن الله لم يعرفها الناس من حوله ، وتمكنت من نفسه نزعة باطنية لا تقاوم لنشر تلك الحقيقة ، وانه لخليق (۱) في هذه الفضيلة أن يسامي أوفر (۲) الأنبياء شجاعة و بطولة بين بنی اسرائیل ، لأنه جازف بحياته في سبيل الحق ، وصبر على الايذاء يوما بعد يوم عدة سنين ، وقابل النفي والحرمان والضغينة (3) ، وفقد مودة الأصحاب بغير مبالاة ، فصابر علی الجملة قصارى (4) ما يصبر عليه انسان دون الموت الذي نجا منه بالهجرة ، ودأب (5) مع هذا جميعه على بث (6) رسالته غير قادر على اسكاته وعد ولا وعید ولا اغراء وربما اهتدي إلى التوحيد أناس آخرون بين عباد الأوثان ، الا أن أحدا آخر غير محمد لم يقم في العالم مثل ما أقام به من ایمان بالوحدانية دائم مكين ، وما أتيح له ذلك الا لمضاء عزمه أن يحمل الآخرين على الايمان . فاذا سأل سائل : « ما الذي دفع بمحمد الى اقتناع غيره حيث رضي الموحدون بعبادة العزلة ؟ فلا مناص لنا أن نسلم أنه هو العمق والقوة في ايمانه بصدق ما دعا اليه » والحقيقة التي يراها المنصف مسلما كان أو غير مسلم ، هي هذه : هي أن فتوح محمد فتوح ایمان ، وأن قوة محمد قوة ایمان ، وأنه ما من سمة لعمله أوضح من هذه السمة ، ولا من تعليل لها أصدق من هذا التعليل . لقد جاء الاغراء الذي أشار اليه العالم الأوربي وهو داع مهدد في سربه ، وجاءه وهو عزيز الشأن بين المؤمنين بدعوته ، فيا حفل (۷) بالاغراء و هو بعيد من مقعده ، ولا حفل به وهو واصل اليه جاءه سيد قومه عتبة بن ربيعة وهو في مبدا أمره فقال له واعدة ملطفا بعد أن أعياهم (۸) تخويفه متوعدين : « يا ابن أخي ، انك منا حيث قد علمت من خيارنا حسبا و نسبا ، وانك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم ، وسفهت أحلامهم وعبت آلهتهم ودينهم ، وكفرت من مضى من آبائهم ، فاسمع مني < 6 6 او الجدير ؟ - أعظمهم واكثرهم ۳ - الحقد - اي غاية و - بابه من عمله : جد وتعب - نشر ۷ - اي اهتم 4 - اجهدهم : ۱۰