صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/13

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

أمة

وبين هذه الدول المتداعيات، أمة ليست بذات دولة ولكنها تتأهب لاقامة دولة .. هي أمة العرب وقد تيقظت لوجودها وشعرت بمكانتها، كما شعرت بالخطر عليها وبمواضع النقص منها.

في أيديها تجارة العالمين كلها ..

فإذا سارت القوافل من خليج فارس إلى بحر الروم، فهي تسير في البادية بين حراس من العرب لا سلطان عليهم للدول المتداعية .. أو هم قد شعروا بذلك السلطان حينا في ابان1 الصولة الرومانية والصولة2 الفارسية، ثم علموا أنهم مالكون لزمامهم3 يرضون فتتصل الأرزاق بين المشرق والمغرب وبين المغرب والمشرق، ويغضبون فتبور التجارة وينضب4 المورد وتكسد الأسواق.

وإذا سارت القوافل من اليمن إلى الشام أو من بحر القلزم إلى بحر الروم، فهي في جيرة5 الأعراب من كلتا الطريقين.

أمَّة تيقظت لوجودها، وعرفت شأنها بين من يحدقون6 بصحرائها .. ثم رأت هؤلاء المحيطين بها يجورون عليها، ويريدون إخضاعها وابتلاعها ..

فهرقل الرومي يرسل إلى مكة من يحكمها، وأبرهة الحبشي يزحف إلى مكة بمن يهدم كعبتها ويستبدل بها كعبة غيرها، وفارس تطغى على شرق البلاد وعلى جنوبها ..

خطر من خارجها، يزيد الأمة يقظة وانتباها لوجودها ..

وخطر من داخلها، يدفع بها دفعا الى الزوال أو الى استكمال النقص المستشري7 في حياتها ..

مدينة واحدة تجتمع فيها ثروة الجزيرة، وعصبة8 واحدة من سادة القوم تجتمع في أيديها ثروة المدينة ..

حالة لا استقرار فيها ..


  1. وقت المتجبرة
  2. القوة
  3. المراد : ما يقودهم
  4. نضب الماء غار في الارض
  5. الجوار
  6. يحيطون
  7. المراد :المستفحل والمتزايد
  8. ما بين العشرة الى الاربعين من الرجال
١٣