صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/77

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وعلاماته في الرؤى والهواتف، وكلمات الفأل والبشارة.

وكان عمر يتفاءل بالأسماء، وينظر في الرؤى والمنامات، ويروى عنه في روايات متواترة أنه أنبئ بموته في منام، وأنه رأى كأن ديكًا ينقره نقرتين، وفسروا له الديك برجل من العجم يطعنه طعنتين.

وروى محارب بن دثار عنه أنه سأل رجلًا: من أنت؟ فقال: قاضي دمشق. قال: كيف تقضي؟ قال: أقضي بكتاب الله. فسأله: وإذا جاءك ما ليس في كتاب الله؟ فأجابه: أقضي إذن بسنة رسول الله. فسأله ثانية: وإذا جاءك ما ليس في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد برأيي وأؤامر جلسائي. فاستحسن قوله وأوصاه إذا جلس للحكم أن يدعو الله قائلًا: «إني أسألك أن أفتي بعلم، وأن أقضي بحلم، وأسألك العدل في الغضب والرضا.»

ثم رجع القاضي بعد فترة فسأله عمر: ما أرجعك؟ قال: رأيت الشمس والقمر يقتتلان، مع كل واحد منهما جنود من الكواكب. فسأله: مع أيهما كنت؟

فقال: مع القمر! فتأمل قليلًا ثم ذكر قوله تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ. ثم قال: لا تلي لي عملًا.٢٩

هذه رواية من روايات كثيرة عن المنامات ونظره فيها، لا ندري مبلغها من الصحة في تفصيلاتها، ولكنها كلها تدل على الغرض الذي قصدنا إليه، وهو استهداء الغيب من طريق الرؤى والعلامات، إلى جانب الإيمان القوي لا يسهو عن عالم الغيب طرفة عين.

ومن الحق أن نضيف هنا أنَّ الإيمان القويَّ ليس بمستغرب في الطبيعة الجندية، بل ربما كانت طبيعة الجهاد أقرب شيء إلى طبيعة الإيمان. وأن نضيف هنا استدراكًا آخر، لعله أدعى إلى البحث من القول في الجهاد والإيمان، وذلك أنَّ العدل لا يناقض طبيعة الجند عامة، وأنَّ طبيعة الجند لا تستلزم العدوان في كل محارب، ولا سيما المحارب نضحًا٣٠ عن دين ووفقًا لشريعة.


(۱) أي اشاور ۰ (۲) الآية : ۱۲ من سورة الاسراء • (۲) نضع عنه : ذب و دفع •