صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/71

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وخليق بالناس أن يفهموا ذلك عنه بغيرِ بيانٍ، لا سيما إذا فهموا قبل ذلك أنه متى وجبت الطاعة، كان هو أول من يطيع.

ذلك هو الجندي المطبوع١.

جندي من جنود الله في معترك٢ الحقِّ والإيمان. وإذا استوفينا المثل إلى أقصاه، فالقانون المطاع هو القرآن، والقائد الأعلى هو النبي الذي يُوحَى إليه، وليس أحد بعد ذلك أكبر من أن يطيع.

يأمر الله فالطاعة واجب لا هوادة فيه

ويأمر القائد الأعلى فقد يراجعه من دونه، ويرتفعان معًا إلى القانون؛ لأن الطاعة لا تمنع المراجعة والمشاورة، ولكنها تمنع التمرد على القائد الأعلى، وإنكار سلطانه حينما استقر على قرار، فإن رجع القائد عن أمره فحسن، والمراجعة إذنْ خيرٌ لا ضررَ فيه، وإذا مضى في أمره فلا خلاف إذنْ فيما يجب، فالذي يجب إذنْ واحد، وهو أن يطاع.

كذلك راجع عمر النبي في مسائل شتى، فأخذ النبي برأيه في بعض هذه المسائل وخالفه في بعضها، فلم تكنْ طاعته فيما خُولِفَ فيه أقل ولا أضعف مما وُفِّقَ عليه.

وكذلك راجع الخليفة أبا بكر في كبريات المسائل وصغارها، فكان أبو بكر٣ يثوب إلى رأيه كثيرًا، ويُصرُّ على ما بدا له إذا رأى الحسنى في الإصرار، فيطيع عمر أمره بعد ذلك، كأنه لم يكن خلاف.

وإذا امتنعت المراجعة فليس الرجل عند ذلك بواهن٤ عن احتمال التبعة، وتصريف الرأي، والاضطلاع٥ بأعباء الموقف كيف كان.

اشتد المرض بالنبي عليه السلام فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده. قال عمر: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا.

عندنا كتاب الله حسبنا٦..

عندنا القانون الأعلى.

أما القائد الأعلى فهو في مرضه بحال لا تستحب معها المراجعة، وهو


  1. أي أن الجندية طابعه من الاساس
  2. موضع الحرب أو ميدانه
  3. أي يرجع
  4. الضعف
  5. أي القيام
  6. أي يكفينا